التحدي.. سلاح المناوئين لبضائع إسرائيل بفرنسا
لم يجد نفعا التهديد الذي وجهه رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس لدعاة مقاطعة البضائع الإسرائيلية في فرنسا قبل أسبوع، فقد تجمهر العشرات بحي بارْبِيسْ في باريس نهاية هذا الأسبوع، متحدين ما اعتبروه إجحافا من فالس.
في المركب التجاري الكبير "كارفور" حيث تباع العديد من المنتجات الإسرائيلية، دخل أكثر من ستين شخصا من أصول فرنسية وعربية تتراوح أعمارهم بين 18 و80 عاما. كانوا مثل بقية الناس، لكنهم بعد دقائق كشفوا عن قمصانهم الخضر التي كتبوا عليها "مقاطعة إسرائيل".
الناشطة أوليفيا زمور، وهي من أصل يهودي، ألقت خطابا أمام الزبائن بشأن الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان وتقتيل الأطفال ومصادرة الأراضي، حاملة فواكه أفوكادو وبرتقالا مستوردا من إسرائيل.
وكان إلى جانب أوليفيا شابان يتناوبان على حمل صور تجسد ما ترويه الناشطة، بينها جثث أطفال وشجرة زيتون يجتثها جرار إسرائيلي وصورة لقاء بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبعد دقائق، هرع حراس المحل لإخراج المتظاهرين من المتجر، لكن ذلك اقتضى أكثر من عشرين دقيقة اختتمت بجولة داخل المحل الكبير تحت هتافات "إسرئيل إجرامية، قاطعوها" و"كفى ترحيلا، كفى استيطانا، كفى احتلالا، وأكملوا هتافهم في الشارع ثم في حافلة عمومية أقلتهم.
قلق على أعلى مستوى
ولا يمر أسبوع دون أن تشهد مدن فرنسية أنشطة مماثلة، آخرها حدث الأسبوع الماضي، عندما شوّش دعاة المقاطعة حفلا لفرقة رقص إسرائيلية في "أوبيرا" باريس. وهو ما أثار غضب الهيئات المساندة لإسرائيل في فرنسا.
وفي لقائه قبل أيام بأصدقاء المجلس الممثل للهيئات اليهودية في فرنسا، هدد رئيس الحكومة مانويل فالس باتخاذ "إجراءات تبين أن الأمر لم يعد يحتمل، وأنه لا يمكن لأي كان أن يفعل ما يحلو في بلدنا، لأن الانتقال من معاداة إسرائيل تحول إلى معاداة الصهيونية، ومعاداة الصهيونية تحولت إلى معاداة السامية".
وفي اللقاء نفسه، طالب رئيس المجلس المذكور روجيه كوكييرمان بالمنع التام لأنشطة المقاطعة التي أضرت بالاقتصاد الإسرائيلي وسمعة إسرائيل.
وفي اجتماع لوزراء خارجيته بداية الأسبوع الماضي، جدد الاتحاد الأوروبي التأكيد على قرار أصدره في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بوضع علامات تميّز السلع المنتجة في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.
إسعاف شعب منكوب
وبعد هجمات باريس، وجهت لأنصار هذه المقاطعة تهمة معاداة السامية. وهي تهمة يمكن أن تزج بصاحبها في السجن بفرنسا، ففي رسالة بعثها إلى وزيرة العدل لحثها على تشديد العقوبات على دعاة المقاطعة، قال النائب بالبرلمان الفرنسي مائير حبيب إن "إبادة اليهود في أوروبا من طرف النازيين بدأت بدعوات لمقاطعة المنتجات والمحلات التجارية اليهودية".
وفي تصريح للجزيرة نت، قالت المحامية والبرلمانية السابقة عليمة بومدين، وهي واحدة من أكثر من مئة شخص جرت مقاضاتهم بسبب نشاطات المقاطعة، "تملكني حنق كبير عندما سمعت تصريح رئيس الحكومة".
وتساءلت "كيف له أن يشوّه الحقيقة ويحاول الربط بين مقاطعة ذات طابع سلمي يشترك فيه فرنسيون يهود لا يؤيدون سياسة إسرائيل وبين معاداة السامية؟ أعتقد أنه يحاول تأليب بعض الفرنسيين ضد بعض".
قضية معاداة
من جهتها قالت الناشطة أوليفيا زمور للجزيرة نت "عندما يطالب بيرنار هنري ليفي بمقاطعة روسيا والصين، وعندما تدعو مارتين أوبري إلى مقاطعة المكسيك، وعندما تنادي بريجيت باردو بمقاطعة كندا يكون الأمر عاديا، لكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل تصبح القضية قضية معاداة للسامية".
ومثل كثيرين، توقعت زمور تشديد قبضة الدولة الفرنسية على دعاة المقاطعة، لكنها أكدت أن "إسعاف شعب في حالة نكبة أمر لا يقاس بغرامة مالية ندفعها جماعيا لمن تسلط علينا".
بدوره، قال رئيس جمعية "فرنسا فلسطين" توفيق تهاني للجزيرة نت إنه "بعد تولي فالس رئاسة الحكومة، تفاقمت الصعوبات أمام دعاة المقاطعة، التي بدأت منذ عهد الوزيرة السابقة للعدل ميشال أليو ماري في 2010".
وأضاف أن "الأمر تحول الآن مع كل انتقاد لسياسة إسرائيل إلى معاداة للسامية ولليهود. وهذه المرة خلال لقائه بالمجلس التمثيلي للهيئات اليهودية، عوض أن يكون فالس رئيس حكومة ممثلا لكافة الشعب الفرنسي تحول إلى أكبر مناصر لسياسة الأبارتيد الإسرائيلية ومدافعا عن مصالح إسرائيل".
المصدر: الجزيرة نت