هنية أبو شحمة.. حين يقهر التفوق إعاقة الجسد
غزة- محمود أبو الحسنى
شبكة العودة الإخبارية
امتطت قلمها ودفترها ورسمت حياة بيضاء داخل مكان مظلم تلونه أذهان هزيلة، رفضت البقاء مغلقة في عتمتها فرسمت مستقبلها وطموحاتها حتى أصبحت علم على جبل، لم تمنعها الإعاقة من الركض خلف حلمها والسعي خلف ما تبقى لها من الحياة.
لم تفلح الإعاقة البصرية التي أصابت الطالبة الغزية "هنية أبو شحمة" ذات الثمانية عشر عاما والتي رافقتها منذ ولادتها في منعها من مواجهة الصعاب وتحدي من وهب الله لهم القدرة العقلية والجسدية الكاملة، فجسّدت في ذاتها أنموذجًا خاصًّا مميزًا يشار إليه بالبنان وأدلت بدلو مميز في بلد ينخر بالجروح الغائرة صباح مساء.
ففي بيتها الصغير الضيق بمخيم خان يونس، جنوب قطاع غزة، كبُرت، وكبُرت حكايتها معها، بدت حياتها تقلّب صفحات القرآن، مرتلًة آياته وسوره، تلقنها والدتها القران حرفاً حرفاً وايةً آيةً, ولتتمكن من حفظ القرآن كاملا وهي في الثالثة عشر من عمرها، لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل تعدته بأن أتمت جميع مراحل تعلم أحكام القرآن ودورات تأهيل، عدا عن الدورة العليا المتصلة بسند عن الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تنوي كما تقول أن تتمها في المرحلة القادمة من عمرها.
لا إعاقة مع الإرادة
بعيدا عن مشكلة الكهرباء وما شكلته من عائق كبير في مرحلة الثانوية العامة بالنسبة لسهيل فهي كما تقول أنها مشكلة لم تعد تقتصر عليها فحسب والتي باتت مشكلة روتينية تلازم الجميع رغما عنهم .
وبعيدا عن ما سببته الحرب الأخيرة من سلبيات على نفسيتها والتي لا تزال أصوات الانفجارات تتردد في مسامعها، وذكريات الحرب التي تتبادر لها في مخيلتها، تقول سهيل «كانت مشكلتي الأساسية هي أني انتقلت في مرحلة الثانوية العامة إلى مدرسة من الأسوياء فكنت أنا الوحيدة من بينهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وكنت أجد الصعوبة الجمة في التواصل مع الطالبات والمدرسات، فأنا بحاجة ماسة إلى مدرسة خاصة تتفهم إعاقتي وحاجتي إلا أنّي ولله الحمد تجاوزت هذه العقبة بمساندة والدتي وبعض المعلمات ممن راعين ظروفي وقدمن لي المساعدة».
وتتابع سهيل "لم تقتصر المشكلة على ذالك فحسب بل فوجئت عند تقديمي للامتحانات بقرار وزاري يقضي بتحويل الامتحانات من تحريرية إلى شفوية وهذا ما لم يكن في حسباني بل واني أكاد اجزم أن هذا الإجراء الوزاري تسبب في هبوط معدلي وتوقعاتي"، وتضيف «صحيح أني حصلت على 87% في فرع العلوم الإنسانية، إلا أني كنت أطمح بمجموع أكبر من ذلك بكثير ولكن هذه مشيئة الله فالحمد لله».
تطلعات مستقبلة
تطمح هنية بعد هذه المهمة الصعبة والمفصلية أن تكمل دراستها الجامعية وان تلتحق بالجامعة الإسلامية وتتخصص في كلية الشريعة والقانون التي أحبتها منذ كانت طالبة في المدرسة.
فهي من قهرت الظلام بقوة إرادتها وقوة عقيدتها وإيمانها بالله وبهدفها في الحياة، فوجب علينا أن نجعل منها مثالاً ليس لذوي الاحتياجات الخاصة فحسب بل للأسوياء أيضا، كي يؤمنوا أن الإرادة والإيمان بالهدف هما القوة الحقيقية التي تحفز الإنسان على مغالبة أي صعوبة مهما بلغ حجمها.