البيوت المتصدّعة.. كابوس يطارد اللاجئين والأونروا تصم أذنيها عن حاجتهم
خاص شبكة العودة الإخبارية
يبتلع الزّقاق واحدة من تلك القصص التي تعجُّ بها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي تعيش على هامش واقعٍ مهمّش أصلاً!
إذ لا ينفرد منزل الحاجة خيرية إسماعيل في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، بوضعه المأساوي من حيث الجدران المتصدّعة والمهترئة، عن مشهد مئات منازل أخرى تنتشر في اثني عشر مخيماً في لبنان.
بل هذه المأساة ذاتها تفتك بالكثير من العائلات الفلسطينية في تلك المخيمات المعترف بها لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا منذ اللجوء الفلسطيني إلى الأراضي اللبنانية عام 1948.
«من كم يوم كنت نايمة، فجأة وقعت شقفة من سقف الغرفة المصدّع جنبي، الله سترني من عندو»، بهذه الكلمات عبّرت الحاجّة خيرية اسماعيل عن معاناتها في حديثها لشبكة العودة الإخبارية وهي تستقبلنا في منزلها الواقع في حي عرب الغوير في مخيّم عين الحلوة. إذ تتبدّى المعاناة جليّةً في كل تفاصيل ذلك المنزل القديم، حيث السقف المتصدّع والجدران كذلك، أمّا غرفة المطبخ والحمام فللناظر أن يرى أبلغ تعبير من أيّ وصف!
تخشى خيريّة أن تخرج من المنزل وتعود لتجد السقف قد وقع على ابنها المريض طريح الفراش، حتى بات ذلك هاجساً يؤرقها في صحوها ونومها وحتى في شرودها المتكرّر أمامنا.
وفيما يتعلّق بتقديم طلب إعادة ترميم المنزل لوكالة الأونروا، تقول اسماعيل بأسى «قدّمنا عشرين مرّة للأونروا، أجو وكشفو عالبيت وصوّرو وقلولنا هادا البيت خطر وما بينقعد في، بس عالفاضي ما حدا عاد طل علينا..».
واعتبرت اسماعيل أنّ سياسة الأونروا غير منصفة بحق العائلات فيما يتعلّق بالمحسوبيات والواسطات. حيث أشارت إلى أنّ هناك العديد من المنازل التي تمّت إعادة ترميمها لم يكن وضعها أسوأ وأخطر من وضع منزلها، حسبما أشارت اسماعيل.
أمّا عن وضع المنزل صحيّاً، فهو من ناحية منعدم الشروط الإنسانية نتيجة الرطوبة العالية، حيث تسبب هذا الوضع بداء الرّبو لابنها المريض، علماً أنّ زوجها كان قد توفّي بعد تفاقم أزمة الرّبو لديه نتيجة وضع المنزل السيء.
وبكلماتٍ كأنها اعتادت على مؤاساة نفسها بها تقول خيرية « أحياناً بروح بنام عند بنتي يومين وبالآخر طيب! إذا الأونروا ما لّبونا، إلي الله أنا..».
وفي حي آخر في المخيم يُدعى حي السميرية تعيش الحاجة كوكب الناطور وابنتها وأطفالها في بيتٍ هو الآخر ترتسم فيه تصدّعات كثيرة، بلغت خطورتها في سقف المطبخ الذي بدا فيه الحديد جليّاً للعيان! وفي ذلك تقولالناطور لشبكتنا «من 4 سنوات وقع علينا سقف المطبخ، قدّمنا فوراً للأونروا أجو كشفو وما عدنا شفناهم». منذ 4 سنوات والحاجة كوكب وابنتها تعيشان على أمل أن تنظر وكالة الأونروا إليهم نظرةً حانية وتزيل هذا الكابوس الذي يطبق على حياتهم ويؤرقهم.
وتقول الإبنة «مرة كنت قاعدة سمعت السقف عم يطقطق فوقي بشكل كبير، إذا حركت شوي المكان بخشبة بينزل علينا! أنا عندي ولاد صغار الله يرحمنا برحمتو..».
يبدو المخيم عالماً مغلقاً يُترك فيه اللاجئ يجابه مصيره وحده، هذا المصير الذي قد يكون في الانفلات الأمني والتهجير، أو الفقر المدقع، أو الموت تحت سقف منزلٍ يحتوي جراح اللاجئ!