فلسطينياتٌ من تشيلي.. إنتماءٌ صلبٌ أمام المسافات والأزمنة
هبة الجنداوي- سانتياغو
شبكة العودة
إن كان قيس يتغزل بأشعاره في ليلى فإنّ الشعراء الأمجاد تقف أقلامهم حيرى بوصف ماجدات فلسطين، مما يصعب على صفحات التاريخ أن تجمعهن... فقد كانت المرأة الفلسطينية هي عنوان للتحدّي والصمود والقوة في الدفاع عن الحق.
سواءٌ على أرض فلسطين أو في الشتات العربي والأوروبي والأميريكي كانت المرأة الفلسطينية رائدةً في تقديم تضحياتها وأحبائها ووقتها في سبيل استرداد ما سُلب من شعبها بالقوّة.. فكانت الشهيدة والأسيرة والجريحة والرائدة والناشطة والحقوقية وصاحبة الصوت الخفّاق في بلادٍ هي آخر العالم!
زنابق فلسطين تصدح في تشيلي..
في تشيلي تلك الأرض التي تعدّ آخر بلاد الله في القارة الأميركية اللاتينية تنشط المرأة الفلسطينية في تحمّل مسؤوليتها اتجاه قضية شعبها المشتّت في تلك البلاد منذ عشرات السنين، تعمل على تعزيز الشعور الوطني في أوساط المجتمع الفلسطيني في المدن التشيلية وخاصةً في العاصمة سانتياغو.
"ليلى حبيب بيترو" ناشطة فلسطينية في سانتياغو ورئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية في تشيلي تقيم هناك منذ عام 1970، تقول في حديثٍ مع شبكة العودة الإخبارية «منذ انضمامي للاتحاد قبل 20 عاماً ونحن نعمل على تنظيم الأنشطة والفعاليات في المناسبات الفلسطينية المختلفة لنحافظ على ربط الفلسطينيين بأرضهم وقراهم التي هاجروا منها خاصةً وأنّ أغلب الأجيال الفلسطينية في تشيلي قد وُلدت هناك".
تتنوع تلك الأنشطة التي يطلقها الاتحاد لتحقيق أهدافه، إذ تعمل الناشطات على تكريس جهودهنّ لتأمين المساعدات الدراسية للطلاب الفلسطينيين في تشيلي ممن يعانون أوضاع اجتماعية صعبة، وذلك بمساعدة الفلسطينيين الميسورين مادياً هناك.
وفي مجال الصحة يعمل الاتحاد بالتنسيق مع مؤسسة Belin2000 لإرسال دفعات أطباء فلسطينيين وتشيليين إلى قطاع غزة، حيث تمّ لغاية الآن إرسال دفعتين طبيتين إلى القطاع المحاصر منذ أكثر 10 سنوات، وذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة في فلسطين ونظيرتها في تشيلي، كما يتمّ التنسيق لدفعةٍ طبية جديدة إلى فلسطين خلال عام 2017، حسبما أشارت بيترو.
حفاظٌ على التراث والأجيال الفلسطينية..
قبل أشهرٍ قليلة وللعام الثاني، شهدت العاصمة سانتياغو عرض أزياءٍ فلسطينيّ نظّمته نساءٌ ناشطاتٌ في الاتحاد، ارتدت خلاله النساء والأطفال الأثواب الفلسطينية التراثية المطرزة لتكون تلك الرسالة كلمة حقٍ فلسطينية من تلك البلاد البعيدة كلّ البعد عن فلسطين..
وفي أنشطةٍ أخرى يُنظّم الاتحاد بشكلٍ سنويّ بازاراً خيرياً تُعرض فيه منتجات غذائية فلسطينية كالزعتر والزيت والحلويات والمربيات، كذلك الصناعات والتحف التراثية، يتمّ عبرها جمع تبرّعات لأهداف إغاثية فلسطينية.. تشارك فيه العديد من النساء بمنتجاتٍ من صنع أيديهنّ، ومن بينهنّ نساء فلسطينياتٌ لاجئات من العراق إلى تشيلي.
فإن كانت مسافة الـ 13 ألف كلم التي تفصل بين فلسطين وتشيلي لم تستطع أن تنتزع بذرة الانتماء من أرحام نساء فلسطين في تلك البلاد الأميركية، فأنّى لأيّ قوةٍ بشرية أن تنال من انتماءٍ قُدّر له أن يبقى راسخاً صلباً أمام المسافة والزمن..