في "عين الحلوة" جدارٌ يخترقه وعي شبابٍ فلسطيني لبناني واعد..
هبة الجنداوي- بيروت
«حين يسقط في أيّ أرض جدار سيسقط ذاك الذي قد بناه» قالها الشاعر والروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله في قصيدته "الجدار"، وهي عبارة عن رحلة لاقتفاء أثر الجدار وفكرة وجوده في التاريخ الإنساني، منذ فجر البشرية حتى الوصول إلى جدار العنصرية الاسرائيلية في فلسطين.. لكن هل كان الكاتب نصرالله يتوقّع أن يُبنى جداراً آخر يخنق شعبه في الشتات على أرضٍ عربية تُدعى لبنان؟
هو جدارٌ أراده أصحابه أن يكون مرصداً لتحرّكات الإرهابيين داخل مخيمٍ لا يزيد عن كيلومتر واحد! لكنّهم على قناعةٍ تامة أنّه في الوقت الذي كانت فيه المبررات الأمنية تسيطر على القضية، تحوّل ذلك الكيلومتر البائس إلى مرتعٍ لآلام تنامت وغضبٍ تأجّج لتصل خفقاته إلى جدران العنصرية في فلسطين وبرلين وجنوبي أفريقيا...
وحين شرعت السلطات اللبنانية في بناء الجدار حول مخيم عين الحلوة، كانت تريده أن يكون عاليا وصلباً وخانقاً.. لكن هل ينجح ذلك الجدار في أن يتحصن من أن تخترقه أغنيات السلام والأخوّة، وأن تهزّه آمال وأحلام شباب المخيم الصامد؟!
الشاب عمر ج الذي يسكن في مخيم عين الحلوة قال في حديثٍ مع شبكة العودة الإخبارية، «على الدولة اللبنانية أن تؤمّن لنا فرص عمل كبقية الشباب حول العالم، بدل أن تبني جدارًا يخنقنا ويزيد من معاناة شعبنا».
أمّا الشاب محمود ط. فقد أكّد لشبكتنا «كنا نتمنى من السلطات اللبنانية أن تمنحنا الحقوق المدنية والسياسية وتعاملنا كما تعامل المواطن اللبناني، فأنا وُلدت وترعرعتُ في لبنان ألا يكفي ذلك لتعاملني كأنني مواطن مقيم على أرضها.. وبدل أن تستخدم أطنانا من مواد البناء لتشييد جدار يفصل بيننا وبين أهلنا في صيدا، فلتسمح لنا وتساعدنا ببناء منازلنا لتأمين مستقبلنا»..
وإلى جانب ذلك انطلقت صرخاتٌ شبابية لبنانية كثيرة، أطلقت العنان لكلماتها.. صرخاتٌ لا تقبل بأن تكون جدران العنصرية أعلى من حدّتها، حتى لا يُقال يوماً "في القرن الواحد والعشرين، لبنان يُعيد إحياء إحدى التجارب العنصرية التي أُثبت فشلها على مرّ التاريخ".
فقد قالت الشابة اللبنانية نور غ لشبكتنا «نحن كشباب متعلّمين ومثقفين نعلم جيداً أنّ تلك الأفكار والأساليب العنصرية لا تجدي نفعاً وقد أثبت التاريخ ذلك.. وعلى دولتنا أن توفّر تلك المبالغ المدفوعة لبناء الجدار لإزالة نفايات بيروت المكدّسة على صدر لبنان!
فيما أكّد الشاب مصطفى ش. «لا أعتقد أنّ ثمة داعٍ لبناء جدارٍ يعكس العنصرية التي طالما استنكرناها نحن كشباب لبناني، وما رضينا بها في فلسطين وأفريقيا وألمانيا وغيرها.. أننتهج ذلك الأسلوب المرفوض على أرضنا ونحن نهاجمه خارجها؟
هو جدارٌ يُختصر بفكرةٍ كما لو أنها الفيلم الذي لا ينتهي، ولن ينتهي إلاّ بـ"العودة"!!