يوم أن غيّبت "رصاصة لندن" رسّام الكاريكاتور الفلسطيني "ناجي العلي"
لميس محمد- خاص العودة
كانت الساعة الخامسة والربع تقريبًا بعد ظهر مثل هذا اليوم 22 تموز (يوليو) 1987، حين أوقف رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي سيارته، وترجّل حاملاً لوحتين هما آخر ما رسمه...
عبر ناجي الشارع في حي "كلس" بالعاصمة البريطانية لندن متوجهًا إلى مكاتب جريدة "القبس الدولية الكويتية"، واقترب منه شاب ذو شعر أسود داكن يتراوح عمره بين 25 و30 عامًا، وراح يلاحقه خطوة خطوة، وأخرج مسدسًا كان يخفيه في صحيفة يحملها، وأطلق رصاصة على رأس ناجي ولاذ بالفرار.. فسقط ناجي ممددًا والدماء تنزف حتى تمّ نقله إلى المستشفى، وظلّ في غيبوبة حتى توفي يوم 29 آب (أغسطس) 1987 عن عمر يزيد على الخمسين عامًا.
وفور شيوع خبر محاولة الاغتيال كان السؤال "من قتل ناجي؟" وزادت حدته فور موته، خاصةً بعدما كان يردّد دومًا "اللي بدو يكتب عن فلسطين، واللي بدو يرسم عن فلسطين، لازم يعرف حاله ميت، أنا مش ممكن أتخلى عن مبادئى لو على قطع رقبتي".
كان ناجي يردّد دائمًا "أنا لست محايدًا، أنا منحاز لمن هم يرزحون تحت نيران الأكاذيب، وأطنان التضليلات، وصخور القهر والنهب وأحجار السّجون والمعتقلات، أنا منحاز لمن ينامون فى مصر بين قبور الموتى، ولمن يقضون لياليهم فى لبنان يشحذون السلاح الذين سيستخرجون به شمس الصباح، ولمن يقرأون كتاب الوطن فى المخيمات".
دفع "ناجي" عمره ثمنًا لتمسّكه بكلّ ما يؤمن به، وحتى الآن ما زال القاتل غير معروف، فهناك من يقطع بأنّه إسرائيل، غير أنّ هناك من يتّهم الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، وفي مقدمتهم الكاتب والمؤرخ الفلسطيني عبدالقادر ياسين، ويستند هذا الفريق إلى الكاريكاتير الهجائي الذي نشره عن الكاتبة المصرية رشيدة مهران، مؤلفة كتاب «ياسر عرفات الرقم الصعب»، وعضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وصاحبة النفوذ الأكبر فيه.
أوصى ناجي قبل اغتياله أن يُدفن في قريته "الشجرة"، لكنّ إسرائيل رفضت، ولم يتم دفنه في مخيم "عين الحلوة" بلبنان الذي نشأ فيه بعد اللجوء، فدُفن في مقابر المسلمين فى "بروكود" ببريطانيا، على أن تستردّ يومًا لتعود إلى "الشجرة" التي يربطها بشخصية حنظلة أيقونة رسوماته.