التونسي "سليم الريّس".. همّة إنسانية من فرنسا إلى غزة ومخيمات الشتات الفلسطيني
هبة الجنداوي- بيروت
خاص العودة
شغفه في العمل الإنساني وحبّ الحياة دفعه لأن يتوجّه إلى قطاع غزة، ذلك القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن عشر سنوات، لتكون له بصمةً في دعم صمود الفلسطينيين في القطاع والتحدث عن مأساتهم وتحدياتهم وعشقهم للحياة، أمام الرأي العام الأوروبي الذي تحكمه الأداة الاسرائيلية إعلاميًا وسياسيًا...
من فرنسا إلى قطاع غزة كانت وجهة الناشط الإنساني التونسي الفرنسي، سليم الريّس، فإيمانه بقطاع غزة وحقّه في أن يعيش بحريّة دفعه لزيارة القطاع نحو 6 مرّات عبر معبر رفح البرّي الواصل بين مصر وغزة، في الأوقات التي يتمّ فتح المعبر خلالها.
سليم عايش غزة بصفائِها وكبريائِها وصمودها خلال عدوان الاحتلال الاسرائيلي على غزة عام 2008 كذلك عام 2014.. ذاق ما مرّ به الغزيّون، تحدّى معهم وصبر معهم وركض معهم تحت القصف غير آبهٍ بالرصاص المصبوب في سماء القطاع ولا مكترثٍ بالتواصل مع سفارته الفرنسيّة لتأمين خروجه من غزة، فهو تواجد فيها بإرادته ليكون بين أهلها ويقدّم لهم من المساعدات والدّعم ومؤهّلات التنمية قدر المستطاع..
الطفلة إيمان و "روح الأمّة"
ما مرّ به الناشط التونسي خلال العدوان الاسرائيلي على القطاع عام 2008 وما رآه من مأساةٍ جعلت من القطاع المنطقة المنكوبة الأسوأ في العالم، أثار في نفسه على الفور العزيمة لإيجاد مؤسسة إنسانية تدافع عن حقوق الإنسان في غزة وتساهم في جمع التبرعات والمساعدات الإنسانية وتنفيذ المشاريع التنموية للفلسطينيين... فكانت "روح الأمّة" التي تأسست في غزة عام 2008 وفي فرنسا عام 2014.
أمّا عن سبب تسميتها بهذا الإسم يقول رئيس المؤسسة والناشط سليم الريّس، في حديثٍ مع شبكة العودة الإخبارية «في إحدى الأيام خلال عدوان 2008 كنت مع بعض الشباب في منزلٍ لإحدى العائلات الفلسطينية في بيت حانون، وفجأةً بدأ القصف الاسرائيليّ في المنطقة، لتزداد وتيرته على وقع صراخ الأطفال والرّعب ينتاب الجميع.. حينها سألتُ فتاةً صغيرة إبنة الثمانية أعوام تُدعى إيمان أن تختار إسمًا لمؤسستنا التي نهدف لإنشائها، فاختارت وهي تبكي إسم "روح الأمّة"، سألتها عن سبب هذا الاختيار فقالت تواجدك بيننا في هذا الوقت وأنت أجنبيًا دفعني لاختياره».
ومنذ إطلاق المؤسسة في القطاع عام 2008، نفذ الفريق العديد من المشاريع الإنسانية والتنموية كالسلل الغئائية والدعم المالي، وتأمين المياه الصالحة للشرب، وتأمين معدّات للصيادين ومشاريع مياه للمزارعين، ومشاريع شبابية لتأهيل الشباب الفلسطيني. كذلك استطاعت المؤسسة مع بداية رمضان وبالتعاون مع منظمة "لايف" الإنسانية توزيع نحو 30 طن من المواد الغذائية على فقراء غزة.
وبسبب صعوبة العمل في غزة نتيجة إغلاق معبر رفح المستمر، قرّر فريق المؤسسة إحياء نشاطه في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في كلّ مكان، وكانت البداية في شهر رمضان الجاري من خلال تنظيم إفطارات للأطفال والمسنّين. بالإضافة إلى مشاريع رياضية متعدّدة ستعمل عليها المؤسسة مع نادي شباب فلسطين.
ويشير مدير نادي شباب فلسطين، مجدي مجذوب، إلى أنّ النادي سينفّذ عدد من المشاريع الرياضية للشباب الفلسطيني في لبنان بالتعاون مع مؤسسة روح الأمّة والمدرّب الفرنسي أوليفر، حيث سيعملون على نقل تجربة مشروع "ركوب الأمواج" للشباب الفلسطيني من غزة إلى لبنان.
على اللائحة السوداء للاحتلال
ما يجيب السائل عن الأسباب التي دفعت سليم لتكريس جهوده لخدمة الفلسطينيين هو تواجده منذ طفولته بين الفلسطينيين عندما تمّ ترحيل المقاومة الفلسطينية في لبنان إلى تونس بعد الاجتياح الاسرئيلي عام 1982.
كما أنّ نشاطه الدائم لأجل الفلسطينيين ودفاعه عن حقوقهم في المحافل الدولية، دفع الاحتلال لإدراج اسمه ضمن اللائحة السوداء، حيث اكتشف "الريّس" الأمر منذ 4 سنوات عندما حاول دخول "إسرائيل" عن طريق المطار فتمّ توقيفه والتحقيق معه قائلين له أنّ ملفاته، التي تحصّلوا عليها من السلطات الفرنسية، "سوداء". علمًا أنّ السلطات الاسرائيلية والفرنسية تتبادل الملفات في ما يتعلّق ببعض الأشخاص الخطرين على أمن "إسرائيل".
ولأجل تسليط الضوء على أوضاع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ودول الشتات يأمل الريّس أن يكون للإعلام الفلسطيني والعربي دور فعّال في هذا الجانب، بعد ما وجده من تحيّز كبير للإعلام الأوروبي لـ "إسرائيل" وتهميشه للحدث الفلسطيني كليًّا وكأنّ فلسطين هي من تحتل "إسرائيل".