«الحلقة الثالثة عشر» من سلسلة يوميات لاجئ
بقلم الكاتبة ياسمين محمد- خاص العودة
وصل عليّ الروضة وكانت آثار الحزن بادية على وجهه، فقد أمضى الطريق كلّه وهو يسأل نفسه "إذا كان أبي لا يستطيع الحضور إلى المدرسة لماذا لم تحضر أمّي أيضًا! فقد وعدتني صباح اليوم بالحضور إلى المدرسة، وعدم التوجّه إلى بيت السيدة التي تعمل عندها..
إغرورقت عيناه بالدموع، ولكنه مشى بخطواتٍ سريعة وكأنّه يسابق الهواء، إلاّ أنّه بدل أن يتوجه نحو المنزل، آثر عليّ زيارة جدته فقد اعتاد أن يشكو لها أحزانه، واعتاد أيضا أن يجد يدًا حنونة تربّت على كتفه وتخفف من حزنه وغضبه...
سمع صوتًا غريب من أول الزاروبة، وقد شاهد وجوهًا كثيرة تدخل وتخرج إلى بيت الجدة حتى أنّ الباب لم يكن مغلقًا! ركض بسرعة ليسمع أصوات البكاء وليشاهد دموع أمّه وأقاربه.. أدرك عليّ في هذه اللحظة أنّ جدته لم تعد موجودة، وأدرك أيضًا أنّ آماله وأحلامه قد ماتت معها، فلم يعد هناك جدة لطيفة تربّت على كتفه وتخفّف من مصائبه وقت المرض ووقت الحزن والشدّة. إذ أنّ تلك اليد المرتجفة الحنونة كانت أجمل ما تمنّاه، وذلك الوجه اللطيف رغم أنّ خطوط الزمن كانت ترسم بسمته المعهودة، إلاّ أنّها أصبحت دربًا من دروب الخيال...
لم يتوجه عليّ خارج المخيّم كما لم يغادر قاصدًا البحر، بل بقي متسمّرًا في مكانه، يريد أن يشبع من جدته، فهجم عليها يقبّل يديها ويلامس وجهها البارد...
مرّ ذلك الوقت ببطئٍ شديد وعليّ يستحضر صورًا من الذاكرة لجدّته، فلم تعد الزّاروبة مهمّة ولا المشروع ولا الاحتفال ولاّ نظرات زملائه إليه وهو يقف وحيدًا على باب المدرسة أمام ما هو عليه الآن..
(يتبع)
#يوميات_لاجئ منكم ولكم.. تابعونا
لقراءة الحلقة السابقة: