«الحلقة الحادية عشر» من سلسلة يوميات لاجئ
بقلم الكاتبة ياسمين محمد- خاص العودة
كان لجلوس عليّ على نفس المقعد مع أحمد وقعًا كبيرًا في نفوس التلامذة، حيث بقيت علامات الاستغراب باديةً على وجوههم لمدّة يومين، ولكنّ الصدمة الكبرى كانت عندما أصبح الإثنان يترافقان في الملعب وأثناء مغادرة المدرسة.
وفي اليوم الثالث، سلك عليّ وأحمد نفس "الزاروبة" وكان أهمّ المواضيع التي تحدثا عنها هي فكرة المشروع الذي كُلِّفا به. وفي تلك الأثناء تسارعت إلى مخيلة عليّ صور تلك الزاروبة الزّاهية الألوان ومزيج الورود المختلفة التي زينت حيطانها وأبواب ساكنيها..
تحادث الإثنان كثيرًا عنها حتى أنّ عليّ من شدة الحماس نسي اصطحاب أخاه من الروضة، فصرخ "يا إلهي لقد نسيتُ أخي في الروضة!"، فردّ عليه أحمد قائلاً: "لا تخف سأذهب معك إلى هناك، كم أحبّ ذلك المكان، لي فيه ذكريات جميلة."
تسابق الإثنان باتجاه الروضة، وكان عليّ يشعر ببعض الغرابة، ولكن جرأته المعهودة جعلته يسأل أحمد عن أسلوبه الجديد في التعامل معه، فهو ابن شخص رفيع المستوى في المخيم، وعليّ وأباه جلّ ما يفعلانه كل يوم هو فرز النفايات من الحاويات!
إستغرب عليّ هذا النوع من التواضع المفاجئ من قبل أحمد، واختلطت في مخيلته صورٌ وذكرياتٌ جعلته يتوقف فجأةً ويصرخ بأعلى صوته، "هل أنت حقا أحمد؟". أجابه أحمد بصوت الواثق "أنا أحمد أجل، ولقد أوحيت لي الآن بفكرة رائعة لمشروعنا الجديد، ما رأيك في أن نعمّم فكرة تجديد الزاروبة على ملعب المدرسة؟ ما رأيك بهذه الفكرة؟ أضاف أحمد "تخيّل أن يصبح ملعبنا زاهي الألوان وفيه رسوماتٌ برّاقة وجذّابة؟
أجابه عليّ "ستكون هذه أجمل فكرة على الإطلاق".. سنطلب من كل تلميذ أن يحضر ألوانًا خاصة تساعد على إتمام المهمة، ما رأيك؟ سنعرض مشروعنا غدًا على المرشد المدرسيّ وننتظر رده.
وأكمل الطفلان طريقهما يسابقان نور الشمس الساطع في تلك الظهيرة متّجهين نحو الروضة وفي مخيلة كلّ طفلٍ منهما توقّعات تسبح في عالم الأحلام، تنتظر الخروج إلى شواطئ الواقع..
(يتبع)
#يوميات_لاجئ منكم ولكم.. تابعونا
لقراءة الحلقة السابقة:
alawda-pal.com/index.php