«الحلقة الأولى» من سلسلة يوميات لاجئ
بقلم الكاتبة ياسمينا- خاص العودة
بدأ عليّ صباحه في صراعٍ عنيفٍ مع النوم، فتارةً يفتح عينيه وتارةً أخرى يطغى النعاس عليه من جديد، فيغطّ في نوم متقلّب، ثم يوقظه صوت أمّه المرتفع: "إستيقظ يا عليّ لقد أوشكتْ الحصّة الأولى على بدايتها وأنت ما زلت داخل المنزل! وكأنّ أمّه نسيت أو تغافلت للحظاتٍ عن سبب تأخره في النوم ليلاً.
فعليّ إبن التسعة أعوام لا يلبث كلّما يغادر مدرسته أن يذهب باصطحاب أخاه الصغير من الروضة، ثمّ يضع الحقيبة على عتبة المنزل ويخطف من بين يديّ أمه رغيف خبزٍ فيه بعض الجبن أو ما تيسّر وجوده من طعام داخل المنزل، ويهرول مسرعاً متّجهاً خارج أسوار المخيم، ليلاقي أباه عند بعض الحاويات التي ما فتئ والده منذ الصباح الباكر يُبعثر محتوياتها، ململماً كلّ ما يحتاجه من أصناف المعادن والعلب الحديدية، ويجمعها ليبيعها في سوق الخرده عند المساء.
ثقل النوم في رأس علي.. هذه المرة أحسَّ بالعجز وأدرك في قرارة نفسه أنّه غير قادر على النهوض من فراشه.
إنتاب الأمّ حالة صدمة من التوتر فـ "عليّ" دائما يستيقظ ولو كان مثقلاً بالتعب. هرولت إليه لتلامس جبينه الذي كان يحترق من شده الحرارة! يا ويلي ماذا أفعل الآن؟
أطلّت من النافذة مناديةً جارتها أمّ عامر، "يا أم عامر يا أم عامر أعطِني حبة مخفّضٍ للحرارة ريثما أستطيع النهوض بـ "علي" والذهاب به إلى عيادة الأونروا".
ومرّت الدقائق ببطئٍ شديد والأمّ تترقّب نهوضه. وأخيراَ جاءت اللّحظة الحاسمة، أدرك علي أنّه اذا لم ينهض ستزداد حالته سوءًا وستحلّ النقمة عليه إذا لم يلاقِ أباه عند الظهر!
وصلت أم علي العيادة على عجلٍ ولكنها اصطدمت بالكمّ الهائل والمتدفّق من المرضى في كل الاتجاهات! ااه، إنّه يوم الإثنين أشدّ الأيّام ضراوةً في العيادة!
يتدفق إليها المرضى من كلّ حدبٍ وصوب، وخاصةً من أصبحوا عاجزين عن دفع تكاليف الدخول إلى مستشفى خاص بعد سياسة تقليصات خدمات الأونروا التي طالت الصغير قبل الكبير! فلم يكن أمام أم علي سوى البحث عن مقعد يحتوي صبرها ريثما يحين دور ابنها..
(يتبع)
#يوميات_لاجئ منكم ولكم.. تابعونا