رنيم صفدي.. فلسطينية تتحدى الحديد لتساعد زوجها المريض

منذ 9 سنوات   شارك:

على صوت لِحام القضبان الحديدية، والشرار المتطاير من حولها، تقف السيدة رنيم صفدي "30 عاما"، تحمل آلة قص الحديد، التي تخشى منها بنات جنسها، وتبدأ بقص لوحٍ حديدي كبير.

"ذكورية" المهنة وخطورتها، وخشونة الأيادي التي تتعامل مع قضبان الحديد الثقيلة، لم تقف عائقاً أمام رنيم، لتصبح "معلمة"، في مجال الحدادة في قريتها "عوريف"، جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.

"منذ أربع سنوات وأنا أعمل داخل هذه الورشة الملاصقة لبيتي"، تقول رنيم لوكالة الأناضول، في حين كان صغيرها ذو الثلاثة سنوات يلهو عند باب الورشة، قبل أن يأتي ليحتضنها ويحظى بقبلة منها.

لم نكد نصدق ما تراه أعيننا، فالسيدة ذات العينان الخضراوان والأيادي الناعمة التي اتسخت بسواد الحديد، كانت حقاً كما سمعنا عنها تلحم قضبان الحديد، وتشكل الحديد بأناملها، ليخرج بالنهاية من باب ورشتها نافذة أو باب، وبقية الأدوات التي تُصنّع في ورش الحدادة عادة.

أما إجابتها عن السؤال البديهي، الذي يوجّه لها من كل من يراها للمرة الأولى، تعمل بورشة الحدادة،

"لماذا أنتِ هنا؟"، أجابت رنيم مراسلة الأناضول:" ظروف الحياة الصعبة".

وتضيف:" الحياة أجبرتني على اقتحام هذا المكان، فقد مرض زوجي ووصل لمرحلة لم يكن يقوى خلالها على العمل".

وأكملت "وضعنا المادي لم يسمح لنا بأن نستعين بعامل، يساعد زوجي بورشة الحدادة خلال مرضه، فكنت أقف معه، أساعده وأعطيه ما يحتاجه من الحديد أو الأدوات، ومع الوقت حفظت أسماء أنواع الحديد، وكل شيء يتعلق بالحدادة، وبدأت بالعمل بيدي".

خلال حديثنا، أصاب سيارة زوجها عطل، فما كان من رنيم إلا أن شمرت عن ساعديها، وعملت على إصلاحه.

دهشة مراسلة الأناضول، دفعتها لمقاطعة رنيم خلال عملها:" أنت لست حدادة فقط، بل ميكانيكي سيارات أيضا؟"، لتجيب رنيم مع ضحكة رُسمت على وجهها رداً على استغرابنا:" الحدادة ليست العمل الوحيد الذي أقوم به، أصلح سيارتنا كثيرة الأعطال، كما عملت ببناء منزلنا مع زوجي، وأصلح بعض الماكينات المستخدمة بالبناء كخلاطات الإسمنت".

ولا يقتصر عمل رنيم داخل الورشة، فبائعو الحديد يعرفونها جيداً، فهي مرافقة لزوجها في جولاته على الباعة لشراء الحديد.

تقول رنيم "بعض التجار يمازحون زوجي ويقولون له لا تحضر زوجتك معك المرة القادمة، فهي تأخذ السعر التي تريده، في إشارة إلى قدرتي على مفاصلتهم جيداً".

أمجد عوريفي، زوج رنيم، الذي يعتمد عليها في كل تفاصيل العمل، يقول لوكالة الأناضول:" ظروف مرضي والوضع المادي الصعب الذي مررنا به، هي من حكمت على زوجتي بالعمل ومساعدتي".

أما عن نظرة المجتمع لزوجته وعملها يقول رضا الناس غاية لا تدرك، ومن الطبيعي أن تساعد المرأة زوجها، زوجتي تحب عملها أكثر من أي عمل آخر قد يراه الناس مناسباً للنساء".

وتشارك رنيم زوجها تركيب النوافذ والأبواب التي فصّلتها وطلتها، كما يشاركها أطفالها في هذا العمل، حيث تشير إلى أن أطفالها الثلاثة يرافقوها هي وزوجها خلال عملية التركيب في المنازل.

أما عن الحذر وخطورة العمل الذي تقوم به، تقول رنيم "عملي يتطلب حذراً، تواجهني أحياناً بعض الحوادث البسيطة لكني حذرة وأعمل بدقة، لقد أصبح هذا العمل عاديّاً بالنسبة لي".

وفيما يتعلق بنظرة المجتمع لها ولطبيعة عملها تقول "في البداية كان الأمر غريباً للناس، خاصة أني أعيش في قرية لها عادات وتقاليد معينة، والناس ليسوا معتادين على رؤية فتاة في ورشة حدادة، لكن عندما اضطررت للعمل، ولم يكن هناك من يساعدنا لم أتردد لحظة".

وتختم حديثها قائلة "أنا الآن أحب عملي، ولا أستطيع أن يمر يوم دون أن أعمل بالورشة". 

 

المصدر: الأناضول



السابق

"مجلس الكنائس العالمي" يطالب بوقف تسليح "إسرائيل"

التالي

10 عدائون فلسطينيون يخوضون سباقات في "شيكاغو" و"سان فرانسيسكو"


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ شعبهِ!

القمع لا يقتل الأفكار، بل يورثها مزيداً من الاشتعال. وكل كلمة مكتومة تتحول جمراً تحت الرماد، تنتظر ريحاً صغيرة لتتحول ناراً تعصف ب… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير