تأسست وكالة الأونروا عام 1948، من قِبل الأمم المتحدة وأُطلق عليها اسم «هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين» ومهمتها تقديم المعونة للاجئين وتنسيق الخدمات التي تُقدم لهم من طرف المنظمات غير الحكومية وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى. بدأت الأونروا عملها في 1 أيار/مايو عام 1950، وتولت مهمات هيئة الإغاثة وتسلّمت سجلات اللاجئين الفلسطينيين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنذ مطلع الثمانينات بدأت بتقليص خدماتها وبات هذا التقليص يزداد وصولا إلى يومنا هذا. آخر هذه التقليصات وأكثرها خطورة تمثلت بتقليص النفقات الإستشفائية وسواها للاجئ الفلسطيني كإجباره على أن يدفع 40٪ للعمليات في المستشفيات الخاصة، و 20٪ في المستشفيات الحكومية. بدأت الشرارة مطلع هذا العام بعد ان أعلنت الأونروا عن تنفيذ القرار بعد وفاة سيدة مريضة على باب المستشفى وبعدها عندما حرق شاب نفسه لانه لم يتمكن من الحصول على الدواء وطفل صغير مريض بالسرطان لم يتمكن أهله من شراء العلاج له بسبب ارتفاع الأسعار وغيرها الكثير من القصص المأساوية التي ظهرت نتيجة القرارات المجحفة، كل ذلك أدى إلى ثورة غضب اجتاحت مخيمات اللجوء وقامت اللجان الشعبية بالتعاون مع الفصائل بتنظيم احتجاجات رافضة لسياسة الأونروا التي اعتبرها الفلسطينيون قرارا سياسيا لتصفية الوجود الفلسطيني وإسقاط حق العودة وليس بسبب أزمة مالية كما تتذرع المؤسسة.

يُذكر أن إدارة الأونروا في لبنان أعلنت مع نهاية العام 2015 عن خطتها الاستشفائية الجديدة، وقالت إنها بصدد تطبيقها مع بداية 2016 دون الرجوع إلى هيئات الشعب الفلسطيني حول هذه الإجراءات الجديدة، حيث تشمل تخفيضات في الخدمات الطبية الاستشفائية للاجئين الفلسطينيين، وإجبارهم على دفع ما قيمته 20 إلى 40٪ من فاتورة العلاج في بعض المستشفيات الخاصة وقيمة 15٪ في المستشفيات الحكومية و5٪ في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث لم تراعِ في قرارها الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني في لبنان في ظل ازدياد احتياجات الناس وقلة فرص العمل وغياب دور الدولة اللبنانية تجاه اللاجئين.

سامي حمود مدير منظمة «ثابت لحق العودة- لبنان» أكد لـ»القدس العربي» أن إدارة الأونروا لا تزال تُناور من أجل تحقيق مكاسب لها على هذا الصعيد غير آبهة للمخاطر التي بدأت تظهر من خلال التدهور الصحي لحياة اللاجئين وقد تسببت إجراءاتها الجديدة بوفاة سيدتين وإقدام شاب فلسطيني مريض بالتلاسيميا على حرق نفسه بعد أن رفضت منحه تحويلا للعلاج، مضيفا أن وتيرة الاحتجاجات الشعبية تتصاعد رفضا لسياسة الأونروا في تقليص خدماتها بكافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان منذ حوالي ثلاثة أسابيع.

مؤكدا أن التحركات بدأت من خلال تنظيم إعتصام شعبي حاشد في مخيم برج الشمالي بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي، ثم أعقبه إعتصام جماهيري آخر أمام مكتب «الأونروا» في منطقة صور بتاريخ 8 كانون الثاني/يناير الجاري.

وبعد الإعلان عن وفاة الحالة الأولى في مخيم البرج الشمالي بسبب إجراءات الأونروا، دخل مخيم البرج الشمالي في اعتصامات مفتوحة وإضراب شامل طيلة الأسبوع الماضي شملت إغلاق كافة مراكز ومقرات «الأونروا» في المخيم، وانضمت له بقية المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان.

وأضاف حمود، أن القيادة الفلسطينية الموحدة في لبنان سارعت إلى عقد لقاء طارئ في مقر السفارة الفلسطينية ببيروت، أعلنوا فيه رفضهم التام لقرارات الأونروا وتم وضع برنامج تحرك عاجل، تمثّل بالإعلان عن إضراب شامل يوم الخميس 14 كانون الثاني/يناير في كل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، والدعوة إلى تنظيم مسيرات واعتصامات يوم الجمعة 15 كانون الثاني/يناير والتركيز في خطب الجمعة على قضية تقليصات «الأونروا» خدماتها وحثّ الناس على المشاركة الفاعلة في الاعتصامات والتحركات الشعبية في كل المخيمات والمناطق.

وقال: يجري حاليا العمل على تشكيل خلية أزمة عن القيادة السياسية تنسّق جهودها مع جهود الأطر الشعبية في كافة المخيمات والمناطق على صعيد لبنان، لتوحيد التحركات الشعبية وإبراز صوت فلسطيني موحّد يطالب إدارة «الأونروا» بالتراجع عن قراراتها. وقد وضعت خلية الأزمة برنامج تحرك شعبيا بالتنسيق مع باقي المناطق ضمن خطة تصعيد تدريجي وصولاً إلى الاعتصام المركزي أمام مقر الوكالة الرئيسي في بيروت بتاريخ الجمعة 22 كانون الثاني/يناير داعيا للمشاركة بشكل واسع للضغط على الأونروا لتتراجع عن قراراتها المجحفة.

وتابع: يجب أن لا ننسى أن وكالة «الأونروا» أُنشئت في العام 1949 لإغاثة الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين على كافة الصعد، لحين تحقيق العودة إلى فلسطين. فلا يجوز للوكالة أن تستبدل دورها الإنساني لتتماشى رؤيتها مع المشاريع السياسية المشبوهة الرامية إلى شطب قضية اللاجئين وحق العودة.

من جهته قال ياسر علي رئيس تحرير موقع «لاجئ نت» وموقع «شبكة العودة الاخبارية» من بيروت ان الأونروا تأسست في 8/12/ 1949 بمقتضى القرار 302 الصادر عن الأمم المتحدة بهدف تأمين «السلام والاستقرار» من خلال إغاثة اللاجئين، ما يعني توطينهم خارج فلسطين. اللاجئون تمكنوا من تحويل الوكالة إلى عامل إيجابي كشاهد سياسي على نكبتهم.

وكانت الأونروا تعمل على غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تعليمهم.

موضحا أن تقليصات الأونروا كانت تأتي بعد حالات ضعف تمر بها القضية الفلسطينية، كما حدث بعد اجتياح لبنان عام 1982 وخروج منظمة التحرير من بيروت، وأيضا بعد إتفاقات اوسلو عام 1993.

الأونروا لا تقوم بواجباتها

أما عن التغيرات التي طرأت على عمل الوكالة في لبنان فقد انتقد ياسر علي وبشدة دورها قائلا: الجديد أن الأونروا لا تقوم بواجباتها التي تأسست بسببها، بل زاد الطين بلة العجز المفاجئ في العام الماضي الذي بلغ 101مليون دولار. والعجز المتوقع في هذا العام والذي بلغ حتى الآن 86 مليون دولار.

وقد تضامن اللاجئون مع الأونروا العام الماضي وساهموا في دعم العام الدراسي الذي كان مهددا فضلا عن عدم وفائها بإعادة إعمار مخيم نهر البارد، الذي إنقضت المهلة المحددة لإعماره، ولم تنجز سوى 40٪ منه حتى الآن.

أما اليوم، فقد أعلن مديرها العام عن تقليصات في المجال الصحي للاجئين في لبنان فقط، وعرض الأمر على الفصائل التي رفضت هذه التقليصات ودعته إلى التراجع عنها.

وعن ذرائع الأونروا حول هذه القرارات الجديدة قال ياسر علي:

حين اتهمنا الأونروا بانها خفضت ميزانية الاستشفاء من 10 ملايين إلى 8 ملايين، نفوا ذلك وأكدوا أنها لم تتغير، ولكن المشكلة عندهم هي ان فاتورة الاستشفاء في لبنان عالية، وهم يريدون السيطرة على المصاريف وترشيدها.

وقد أصدروا هذه القرارات ونفذوها دون الرجوع إلينا، متذرعين بانها قرارات إدارية في الوقت الذي نراها نحن قرارات ذات أبعاد سياسية.

أما أبرز التقليصات الصحية الجديدة فذكر منها:

تخفيض دعم الاستشفاء من 100٪ إلى 80٪ في المستشفيات الخاصة. و85٪ في المستشفيات الحكومية، و95٪ في مستشفيات الهلال الاحمر الفلسطيني الذي يفتقر للتجهيزات والتخصصات. وجعلت الأخيرة ممراً اجبارياً للمرضى، وهو ما أدى خلال 15 يوما إلى وفاة سيدتين، وإحراق أحد المرضى نفسه.

وأوضح أنه بالنسبة للاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان واضح أن ميزانيتهم تأتي من منح إضافية وليس من صلب ميزانية الأونروا، غير ان الوكالة فيما يخص الاستشفاء تقدم لهم خدمات تناسب الأسعار في سوريا وليس في لبنان، وهي أقل بكثير.

وعن أهم مطالب الحراك الشعبي شدد على ضرورة التمسك بالمطلب الرئيسي بأن تتحمل الأونروا مسؤوليتها وتعود عن قراراتها التدميرية، وترجع برنامج الاستشفاء إلى ما كان عليه في عام 2015. وتغطية الاستشفاء بنسبة 100٪.

معربا عن قلقله من تطبيق هذه القرارات والذي سيتسبب في رأيه في موت عدد أكبر من المرضى بسبب عدم قدرتهم على تغطية كلفة الفارق (20٪ )، وبالتالي عدم ذهابهم للمستشفى، كما حدث مع أول سيدة توفيت بسبب عدم تغطية كلفة علاجها.

مشددا على دور الفصائل فهي كما يعتقد في الميزان، الذي ساند الحراك الشعبي، ووضع قواعد التحرك وغذاه ونظمه.. وجمع المشاركين في الحراك لوضع خطة التحركات على مدى أسابيع مقبلة مؤكدا على مواصلة الحراك السلمي بقوله:

لقد أعلنّا منذ البداية، لن نتوقف عن الحراك السلمي التصاعدي قبل عودة الأونروا عن تقليصاتها.

لا يصدّق الفلسطينيون مسألة «العجز المالي»، فجميعهم اعتبروها مؤامرة سياسية بحقهم، فهل هي بداية مشروع تصفية القضية والقضاء على مجرد التفكير بحلم العودة وإنهاء الوجود الفلسطيني؟

أرقام مخيفة

في عام 2010 قامت الأونروا بإجراء دراسة ميدانية بالتنسيق مع الجامعة الأمريكية تبين أنه 72٪ من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بحاجة إلى مساعدات، بالإضافة من 7-6 ٪ هم تحت خط الفقر، و 7٪ تقوم الأونروا بتقديم معاش سنوي لهم ما قيمته 173000 ليرة لبنانية أي أقل من 500 ليرة لبنانية يوميًا، وتؤكد دراسات الأونروا اليوم أن 58٪ من اللاجئين هم عاطلون عن العمل وهذا يعني أن الوضع يزداد سوءا.

نشطاء عبر مواقع التواصل # لتسقط_ تقليصات_الأونروا#

لم يترك النشطاء أي خطوة إلا قاموا بها تأييدا لحق اللاجئ الفلسطيني في الحصول على كامل حقوقه الإنسانية معلنين عن رفضهم لقرارات الأونروا من خلال نداءات تطالب المتضررين بالمشاركة في الاعتصامات والمسيرات التي لن تتوقف حتى تتراجع عن قراراتها.

وقاموا بإرسال عريضة للتوقيع تطالب الأونروا بالتراجع عن قرار تخفيض خدماتها تجاه اللاجئين معلنين عبر رسائلهم وتغريداتهم أن أرواح أبناء الشعب الفلسطيني ليست دمية بأيدي قسم الصحة في الوكالة، وأن من حق الفلسطيني الإستشفاء 100٪. بالإضافة إلى هاشتاغات تطلب من كل فلسطيني المشاركة في التغريد ضد قرارات الوكالة تخفيض الخدمات الطبية للفلسطينيين والمطالبة بالتوقيع على عريضة ترفض قرارات الأونروا الجديدة.

هذا وقد نشرت «أكاديمية دراسات اللاجئين» وهي منصة تعليمية أون لاين طبيعة التغييرات في دور الأونروا في لبنان وجاءت كالتالي:

1-إلزام المريض من المستوى الثاني والذي كان يعالج مجانا بالدفع 20٪ من فاتورة الاستشفاء في المستشفيات الخاصة و15٪ في الحكومي و5٪ في الهلال الأحمر الفلسطيني.

2- التحاليل وصور الأشعة والخدمات التي كانت تقدم للمريض والنوم في العناية المركزة أصبحت خدمات من المستوى الثالث والمريض عليه أن يدفع 40٪ من تكلفته.

الأونروا تقول إنها زادت تغطية المستوى الثالث 10٪ والمرضى لا يعلمون تفاصيل الخدمات والعقود وبالتالي بات عليهم دفع مبالغ أكبر بكثير مما كانوا يدفعونها سابقا بسبب تكلفة هذه الخدمات التي حولت من المستوى الثاني إلى الثالث.

3-بالنسبة للعمليات الباردة التي كانت غير محددة بسقف أو برقم محدد شهريا وهي مثل الفتاق والبواسير والدرن الخارجي واللحمية في الأنف وغيرها. فقد كان بإمكان المريض إجراها في مستشفيات الهلال دون انتظار دوره، وإن أراد التوجه إلى مستشفيات خاصة كان عليه الانتظار. الآن هذه العمليات حددت بأرقام شهرية فقط في منطقة صور كلها 38 عملية بغض النظر عن المستشفى سواء الهلال الأحمر أو غيره، بينما في منطقة صيدا جميعها 50 عملية.

4-العيادات ومدراء المخيمات كانوا يداومون يوم السبت فجأة خفضوا ساعات دوام العيادات حتى الساعة 11 ظهرا للحالات الطارئة وأوقفوا العمل يوم السبت لمدراء المخيمات.

المصدر: وجدان الربيعي – القدس العربي