حقيقة في تزايدٍ واضح في لبنان..
"دروس التقوية" ظاهرة تعكس واقعاً تعليمياً سيئاً في المخيمات الفلسطينية
هبة الجنداوي- بيروت
"محمود" طفلٌ فلسطينيّ يعيش في مخيم برج البراجنة في العاصمة اللبنانية بيروت، يدرس في المرحلة الابتدائيّة في إحدى مدارس وكالة الأونروا في المخيم. يذهب محمود يومياً بعد أن يأتي من المدرسة عند الثالثة عصراً إلى أستاذه الخصوصي الذي يدرس عنده دروساً إضافية منذ 3 سنوات.
إذا تجوّلتَ يوميّاً في المخيم في الوقت الذي يعقب عودة الطلاب من مدارسهم، ترى أفواجاً من التلاميذ يحملون حقائبهم متوجّهين إلى الأساتذة والمعاهد التعليمية الخصوصية، لإنجاز ما عليهم من واجبات مدرسية، أو لإعادة فهم دروسٍ لم يستطعوا فهمها في المدرسة.
والناظر إلى هذا الوضع التعليميّ يجد أنّ ظاهرة الدروس الخصوصية متفشيةً في جميع المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث تدفع بعض العائلات ربع معاشها للدروس الخصوصية، التي لا تقلّ كلفتها الشهرية عن 50$، ما يحدّ من فكرة مجانية التعليم التي تقدّمها وكالة الأونروا للاجئين.
عائلة أبو محمود الذي يعمل معمارياً في مخيم برج البراجنة واحدة من تلك العائلات. "أبو محمود" لديه 4 أولاد يتوزعون ما بين المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية. حيث يدفع نحو 250$ قسطاً شهرياً لأبنائه لتلقّي الدروس الخصوصية، خاصة أنّ ابنته طالبة شهادة ثانوية هذا العام، وهي بحاجة إلى دعمٍ أكاديميّ إلى جانب ما تتلقاه في المدرسة.
لكن من الغريب في الأمر خلال اضطلاعنا على حقيقة هذه الظاهرة في مخيم برج البراجنة كنموذج، أنّ فكرة "دروس التقوية" باتت بديلاً يلازم التعليم وضرورة لا بدّ منها بين الطلاب الفلسطينيين في المخيمات. ومن الغريب في الأمر أن يكون الأطفال في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية هم الأُخَر بحاجة إلى دروس تقوية!
إذا رجعنا قليلاً لنبحث في أساس الأزمة، هنا لا بدّ من بحث الأسباب التي دفعت إلى تنامي هذه الظاهرة خاصة بين المجتمعات الفلسطينية. ومن تلك الأسباب ضعف التحصيل العلمي للكثير من أهالي الطلاّب، والخلل في النظام التعليمي لمدارس وكالة الأونروا الذي يؤكّد عليه الكثير من الباحثين الاجتماعيين والتربويين الفلسطينيين. كذلك الأزمات التي تواجهها الأونروا والتي كانت على وشك أن تضع آلاف الطلاب الفلسطينيين على حافة الضياع الأكاديمي.
ومع تنامي هذه الظاهرة المجتمعية نجد أنّ نسبة الفقر في المخيمات الفلسطينة في لبنان وصلت إلى 65%، كذلك بلغت نسبة البطالة بين العمّال الفلسطينيين 56%، في مسح للجامعة الأميركية في بيروت في صيف 2010. وقد باتت هذه الظاهرة تستنزف جزءاً مهماً من ميزانية الأسر الفلسطينية التي تعاني في الأصل من صعوبات في المستوى المعيشي.
ولمواجهة هذه الظاهرة التي تتنامى عاماً بعد آخر يجب توعية الأهالي والطلاّب إلى أنّ المعاهد والدروس الخصوصية يجب أن لا تكون بديلاً عن المدرسة، فالمدرسة هي الأساس. كذلك لا بدّ من المطالبة بتحسين المستوى التعليمي لمدارس الأونروا، بهدف النهوض بالشباب الفلسطيني نحو الأفضل.
أضف تعليق
قواعد المشاركة