معرضٌ يستعيد ثقافةً أهدرها القرصان "دايان"
"الآثار الفلسطينية المستردّة".. صفعةٌ للاحتلال من بيروت إلى تل أبيب..
هبة الجنداوي- بيروت
اختتمت مؤسسة سعادة للثقافة وجمعية الإنماء الاجتماعي والثقافي- إنماء، مساء أمس الأربعاء، فعاليات معرض "الآثار الفلسطينية المستردّة" في بيروت، لتطوي معها صفحةً من كتاب المقاومة الفكرية، وتُفتِّح الأعين وتسلّط الضوء على صفحاتٍ أخرى من ذات الكتاب الذي بات يؤرق الاحتلال كالحجر والسكّين على حد سواء..
المعرض الذي استمرّ لثلاثة أيام وأحدث ضجّةً إعلامية وفكرية من بيروت إلى تل الربيع (تل أبيب)، عرض 39 قطعة أثرية فلسطينية يعود معظمها إلى ما بين 2000 إلى 3000 عام تتوزع بين فخاريات من مختلف الأحجام، كان وزير الحرب الصهيوني الأسبق موشيه دايان قد سرقها ودمغها باسمه وقام بإهدائها أو بيعها لأصدقائه مثل بول وهيلين زوكيرمين، ليقوم ورثة هؤلاء بعرضها في مزادٍ علنيّ في الولايات المتحدة الأميركية، ويعيدها القدر لأيادٍعربية بعد سنواتٍ من ضياع الهوية..
وقد عُرف المجرم الصهيوني دايان الذي ارتكب إبادات بحق الشعب الفلسطينيّ من دير ياسين إلى الدوايمة، بحبّه لجمع الآثار بهدف محو الانتماء العربيّ للأرض الفلسطينيّة.
حيث كان يستخدم جيش الاحتلال في التنقيب عن الآثار ليضمّها إلى مجموعته ويتصرّف بها دون حسيبٍ أو رقيب.
وقد أكّد حليم فياض رئيس مؤسسة سعادة الثقافية "بأن القول أنّ فلسطين قد ضاعت خاطئ، بل هي سُرقت بكل معنى الكلمة منذ عام 1948، ولا تزال أعمال السرقة متمادية. و"سرقة هذه الآثار هي سرقة لفلسطين، واستعادتها رمزٌ لاستعادة فلسطين والأجيال القادمة".
ورغم صعوبة المهمّة التي قامت بها كلتا المؤسستين لاستعادة الآثار بسبب وجودها في الولايات المتحدة الأميركية حيث تكثر المنظمات والجمعيات الصهيونية وتبسط سلطتها، إلاّ أنها تمكنت من إنجاز المهمة بنجاح باهر رغم الضغوطات.
ويقول علوان أمين الدين الباحث والمفكر والعضو في مؤسسة سعادة في لقاء مع شبكة العودة الإخبارية، أنّ ورثة هذه الآثار قاموا بعرضها في مزاد علنيّ، وقد علمنا بالموضوع فشاركنا به، وكان هناك ضغط كبير من قبل المنظمات الصهيونية. "لكن هؤلاء الورثة كل ما يهمهم في هذه الآثار هي قيمتها المادية، فهم لا يدركون مدى أهميتها الأثرية مثلنا نحن كعرب وفلسطينيين".
فالنظام النيوليبرالي العالمي لا يهتم حتى للقيمة المعنوية والحضارية لهذه الآثار حتى وإن كانت مهداةً من الصهيوني دايان، فكلّ همّه هو ما يجنيه من مصلحة مادية من خلال بيع هذه الآثار، ضارباً بقيمتها وقيمة من أتى بها عرض الحائط.
ومع احتدام المقاومة بكافة أشكالها ضد العدوّ واندلاع الانتفاضة الثالثة، وتزامنها مع وعد بلفور الـ98 في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر)، كان هذا المعرض وسيلةً لإحياء هذه الذكرى المشؤومة في تاريخ الأمة وأحرار العالم.
إذ يؤكّد أمين الدين لشبكتنا أنّ المعرض كان بهدف إعادة إحياء التراث الفلسطيني وتذكير الأجيال الفلسطينية المغتربة قسراً عن أرضها بهذا التراث الذي يسعى الاحتلال إلى محوه عاماً بعد عام. مشيراً إلى أنّ هناك العديد من الآثار الفلسطينية التي لا تزال في حوزة أشخاص كثر. ووعد بأنّه إن تم افتتاح مزاد آخر على تلك الآثار فستشارك المؤسسة لاستردادها.
وإذا ما استطاعت السلطة الفلسطينية الحفاظ على هذه الآثار فيمكنها استردادها إلى المتاحف الفلسطينية، حسبما أبلغت "مؤسسة سعادة" السفارة الفلسطينية بهذا الأمر.
لم يفت الأوان بعد كي تضيع آثارنا وتنهدر طالما لا تزال القضية الفلسطينية تحُفّ الذاكرة باستمرار، وطالما لا تزال النخوة في الكثير من الأعراب الغيورين على ثقافاتهم وحضاراتهم، وفي المقابل مطامعٌ دوليّة لا تدرك الأهمية الثقافية لمثل تلك الآثار.
أضف تعليق
قواعد المشاركة