مصدر رزقنا المحدود
سكان"جل البحر": شروط وملاحقات تضيق علينا مزاولة مهنة الصيد!
حتى البحر كان قاسياً على حياة اللاجئين الفلسطينيين في "تجمع جل البحر"، عند مدخل مدينة صور في جنوب لبنان؛ فأسماكه التي كانت تأنس بشباكهم وحسكاتهم، أصبحت بلا أنيس لها منذ حوالي السنة. أصبح أهالي "جل البحر" يخافون أن تبتعلهم الأمواج العاتية، في يوم من الأيام؛ أما بيوتهم الهشة والآيلة للسقوط، والمهددة من البحر، فتشكل خطراً آخر على حياتهم.
توجهت إليهم نشرة "الجهاد" للوقوف على معاناتهم، ومعرفة ما آلت إليه تهديدات البلدية من حرمانهم من الصيد، والتحذيرات بضرورة إخلاء المكان، والرحيل إلى منطقة أخرى.
شرح لنا أمين سر اللجنة الشعبية في تجمع جل البحر، حمد درويش، ظروف ومعاناة التجمع، فأكد أن "لديه أوراقاً موثقة من وزارة الزراعة تسمح لهم بالصيد، إلا أن البلدية لا تسمح للصيادين الفلسطينيين بالاصطياد، وتفرض عليهم شروطاً قاسية وتعجيزية أحياناً".
وأشار درويش إلى أنه "لا يوجد عمل في التجمع سوى الصيد، ومع حلول فصل الشتاء ينقطع العمل نهائياً، وأن الصيادين يدخرون أموالاً من موسم الصيف لكي يقتاتوا منه في فصل الشتاء".
وطالب درويش كل الفعاليات الفلسطينية واللبنانية، وبالأخص "منظمة التحرير الفلسطينية"، أن ينظروا في وضع "جل البحر" المزري والمأساوي، وأن يفعلوا كل ما بوسعهم من أجل مساعدة أهالي التجمع، والوقوف إلى جانب مطالبهم المحقة.
وأضاف: "نحن كلجنة شعبية سهرانين على سلامة الأهالي، وننظر إلى مأساتهم، ونحاول معالجة همومهم بكل الوسائل المتاحة لنا".
ويقول الصياد مروان درويش، الذي التقيناه أثناء جولتنا، "منذ أن خرج أجدادنا من فلسطين وهم يعملون في البحر ويصطادون الأسماك، والبيوت كانت قديماً عبارة عن خيام، بعد ذلك أصبحوا يصلحوا بالخيام، ويصطادوا أسماكاً ويبيعونها لكي يقتاتوا ويعيشوا هم وأبناؤهم".
وأشار درويش إلى أن صيد السمك هو مصدر رئيسي في العيش بجل البحر، ومن خلاله يحصلون على مصروفهم، في ظل البطالة التي يشهدها الفلسطينيون في المخيمات، وعدم توفر العمل لهم وفرض الدولة اللبنانية شروطاً قاسية عليهم للعمل في لبنان، وخاصة مع قدوم النازحين إلى التجمع.
وأضاف: "فرضت علينا الدولة اللبنانية شروطاً قاسية لا يستطيع أي صياد في التجمع أن يعمل بها، نظراً للضيقة المالية للأهالي، بحيث فرضت شروطاً على أنواع السمك المسموح باصطيادها، بحيث يمنع صيد السمك الكبير والسمك الصغير والسردين."
وأكد الصياد علي أحمد، "على أنهم يعملون فقط من أجل لقمة العيش، لا للغنى أو تحصيل أموال طائلة، وأن الدولة تمنعهم من أبسط حقوقهم إلا وهي الصيد، وبدون أن تؤمّن لهم البديل".
وأردف: "أصبح الشباب في ظل الوضع المزري والمأساة الكبيرة التي يعانون منها يفكرون بالهجرة إلى الخارج، ولا يرون إلا اليأس والكآبة، وذلك بسبب عدم قدرتهم على إطعام أولادهم، فيلجأون إلى الإستدانة".
ورأى أن "فصل الشتاء أشد صعوبة عليهم من فصل الصيف، وذلك لأن البحر يصل إلى البيوت، ويهدم عدداً منها، ويحد من حركتهم في البحر وصيدهم للسمك، وأن "جل البحر" أكثر التجمعات الفلسطينية معاناة بين التجمعات، بحيث لا يجد الصياد أي شيء يقتات منه في الشتاء؛ وعندما تكون الأمواج عالية، يصعب علينا عملنا كثيراً، ودور الأونروا مهمش في التجمع، وهي لا تنظر إلى معاناتنا أبداً".
ويروي لنا أحد الصيادين عن مشكلة الصيد منذ بدايتها، فيقول: منذ العام 2013 طلبت منا بلدية صور أن نأتي بإفادة صيد، وأن نبعد عن الشاطىء 500 متر عند الصيد، ونحن التزمنا بهذه الشروط؛ إلا أن البلدية أصدرت قراراً بمنع أي حسكة أن تُقلع من شاطىء جل البحر؛ والواسطات لها دور كبير في الصيد؛ ثم فرضوا علينا اصطياد نوع محدد من السمك، ومنعونا من اصطياد الأسماك الكبيرة والصغيرة والسردين.
وأضاف: "في البداية كانت [وزارة] الزراعة تتعاطف معنا، وتتفهم مطالبنا المحقة، وتنظر إلى معاناتنا. ونحن نمتلك كل الرخص، ونمتلك أوراقاً قانونية تثبت أننا قانونيين، إلا أن البلدية دائماً تمنعنا من الصيد، وتحتجزنا في المخفر عدة أيام، رغم أننا نعتمد على الصيد في لقمة عيشنا، وإذا لم نعمل في الصيد، سيموت أهلنا جوعاً".
وبخصوص بيع السمك في الأسواق، قال: "نحن نبيع السمك في السوق بأسعار مقبولة، من أجل أن ننال لقمة عيشنا، وبالتالي هم يستفيدوا منا، بحيث أنهم يصدرون السمك إلى الخارج".
وتابع: "يوجد مراكب مرخصة، لكنهم يمنعون الصيد فيها، بحجة أنها غير صالحة للملاحة؛ وفي حال أتوا علينا البلدية ونحن نصطاد، نفر منهم ونترك مصادر رزقنا لكي لا نتعرض للمضايقات والحبس، والأونروا لم تتضامن معنا في مشاكلنا، ولا يوجد أي تحرك من قبلها".
وأردف: "نحن نراعي شروط الصيد المطلوبة منا، لكننا لا نستطيع أن نشتري موتير للحسكة، لأن سعره أغلى من سعر الحسكة نفسها، وبذلك لا نستطيع أن نقلع من المينا، وشرط الصيد الأساسي هو أن نقلع من المينا".
وطالب "الأونروا" والقيادة اللبنانية والفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها "منظمة التحرير الفلسطينية": "أن تنظر إلينا وإلى معاناتنا، وأن تحس بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين الصعبة جداً، لأن الوضع أصبح لا يطاق، كما طالب رئيس بلدية صور حسن دبوق، بالاستجابة لمطالب الأهالي، وأن يصدر ورقة رسمية للصيادين من أجل أن يصطادوا بأمان، ودون أي مضايقات".
المصدر: نشرة الجهاد
أضف تعليق
قواعد المشاركة