أهالي "الشبريحا": سنواجه جرافات الهدم بصدورنا والحل بتوفير منازل بديلة
منذ العام 1950، تقيم مجموعة عائلات فلسطينية على أرض أميرية تتبع بلدية العباسية في جنوب لبنان، باسم "تجمع الشبريحا"، بيوتها متواضعة جداً، غير أن معاناتهم أكثر صعوبة من بقية التجمعات والمخيمات الفلسطينية؛ فهم محرومون من أبسط حقوقهم، ويعانون من سوء البنى التحتية، وتهدد مصيرهم مشكلة الطريق الدولي الذي تنوي الدولة اللبنانية تعبيده على طرف التجمع، حارمةً حوالي 35 عائلة من سكنهم، دون الحصول على أي بديل.
المشكلة ليست بجديدة، ومضى عليها أكثر من عامين، لكنها لم تنتهِ بعد؛ لذلك التقت "نشرة الجهاد" المواطنين واللجان الشعبية، لمعرفة أبعاد المشكلة وسبل الحل.
يؤكد أمين سر اللجنة الشعبية في الشبريحا، أبو حسين معجل، أن الموضوع قديم جديد، "منذ ثلاث سنوات والدولة تأتي كل فترة لتكشف على البيوت وتدرس حجم التعويضات، وتقوم بترقيم المنازل التي تنوي هدمها".
أولوية الحل تقع على "الأونروا"
وأضاف معجل: "نحن متأكدون أن قرار هدم المنازل سينفذ في نهاية المطاف، لأن هذا طريق دولي تقف وراءه دول، وقد دفع عليه مليارات الدولارات، ولا يمكن لـ 35 منزلاً أن يقفوا بوجه دول، لكن الحل يكمن بتأمين أرض بديلة، وأن تقوم الأونروا بمساعدتهم على بناء منازل جديدة".
وقال: "نحن كلجان شعبية، تحركنا وأجرينا عدة اتصالات مع جهات فلسطينية ولبنانية، وتلقينا وعوداً بحل المشكلة، لكن تبين لاحقاً أن قرار تعبيد الطريق لا يزال قائماً وسيأخذ مجراه لا محالة، والدولة مصرّة على هدم المنازل".
وأوضح معجل أنه "اقترحنا أن تعطينا بلدية العباسية قطعة أرض، ونحن نقوم بإعمار المنازل بأموال التعويضات التي ستقدمها الدولة للأهالي، لكن بلدية العباسية رفضت رفضاً قاطعاً؛ وزادت الطين بلة بطلبها نسبة من التعويضات التي ستقدمها الدولة، بحجة بدل استهلاك الأرض، لكن تم إلغاء القرار لاحقاً".
وختم معجل: "أملنا معقود على منظمة التحرير و"الأونروا" والجمعيات الأوروبية والدولة اللبنانية، لكن الأولوية تقع على الأونروا كونها المسؤول المباشر عن اللاجئين الفلسطينيين، لأن المشكلة ليست في منزل أو اثنين بل 35 منزلاً".
وأشار المواطن حسن الحسن، وملامح الغضب بادية على وجهه، أن "حقوق الشعب الفلسطيني في لبنان مهدورة"، ويضيف: "مشكلة الطريق الدولي لا زالت قائمة، لكن هناك عجز في الميزانية ولا يوجد سيولة حالياً، والدولة تفقدت المنازل وقالت إنها ستعوض علينا لكن بسعر التكلفة، فرفضنا، لأننا لا نملك القدرة على شراء أرض بقيمة 100 ألف دولار، والفلسطيني في لبنان أصلاً ممنوع من التملك، فأين نذهب؟"
وتابع: "طلبنا من الدولة أن تعمر لنا منازلاً كالتي نسكن بها حالياً لا أكثر ولا أقل، ولا نريد سوى البديل"؛ فقاطعته زوجته مؤكدةً على كلامه، وقالت: "نريد منازل كالتي نسكن بها، فنحن لا نعرف أن نعيش في شقق وبنايات، وقد تعودنا على العيش بالفلاة، لذلك نريد أرضاً واسعةً وليس منزلاً كالقبر".
وأضاف الحسن: "لجأنا إلى جميع المعنيين والكل أجمع أن قرار تشييد الطريق سينفذ، لكننا لن نستسلم، وسنواجه الجرافات بصدورنا ولا أحد يمكن أن يمنعنا من ذلك".
وأكد المواطن علي القديري لـ"نشرة الجهاد"، تقصير اللجنة الشعبية والأونروا في العمل على حل الأزمة، وقال: "الأونروا لم تقدم لنا المساعدة، وتدعي أن الشبريحا غير معترف به لديها، واللجنة الشعبية مقصّرة بحقنا في تجمع الشبريحا، حتى أنها لا تقدم لنا أدنى الخدمات من مياه أو كهرباء".
وعن سبل حل الأزمة، يضيف القديري: "يوجد في الشبريحا أرض لا تصلح للبيع، لأن عرضها 20 متراً فقط، ونحن موافقون أن تعطينا الدولة هذه الأرض ونقوم نحن ببناء منازلنا من أموال التعويض، لأننا مضطرون، لكن حتى الآن لا يوجد شيء رسمي ولم يطرح أحد الموضوع على الدولة".
وقال: "اجتمعنا جميعاً واتفقنا على عدم الخروج من المنازل، إلا في حال تم تأمين أرض بديلة"، وطالب منظمة التحرير الفلسطينية، أن "تنظر في المشكلة وأن تعمل على حلها قبل فوات الأوان".
المطالبة بتأمين منازل بديلة
وروى المواطن أبو الرائد السكران: "نحن في تجمع الشبريحا نعاني من نقص كل الخدمات دون استثناء، فلا الدولة تهتم بنا ولا منظمة التحرير، وكلٌ يغني على ليلاه".
ولفت إلى أننا: "كجزء من تجمع فلسطيني لا يتعدى الـ 35 منزلاً لا يمكننا أن نقف بوجه الدولة وقراراتها، لكن المطلوب من الدولة أن تؤمّن لنا البديل وتوجد منازل كالتي نسكن بها تماماً، لأننا نعتمد في تأمين لقمة العيش على الزراعة وتربية المواشي، فأين أجد رزقي إذا أمنت لنا الدولة شققاً ومبانٍ؟".
وأشار السكران إلى أن الفصائل الفلسطينية لم تقدم شيئاً لحل هذه المشكلة، وقال: "أين سأذهب أنا وأولادي طالما أني محروم من أبسط الحقوق في لبنان؟" وأضاف: "لم أجد أحداً أوجه له نداء استغاثة، لا فلسطينياً ولا لبنانياً ولا حتى مسلماً، لكنني سأدافع عن نفسي وعائلتي بجسدي، ولن يمر الطريق الدولي إلاّ على جثثنا".
إذاً، المشكلة لا زالت قائمة كما يقول الأهالي، وعلى الأطراف المعنية أن تؤمن لهم البديل قبل تنفيذ قراراتها. الأمر أصبح بيد المعنيين، فهل سيمد أحد يد العون لأهالي الشبريحا لينقذهم قبل فوات الأوان وتشردهم في الطرقات؟!
المصدر: وكالات
أضف تعليق
قواعد المشاركة