اللاجئون الفلسطينيون.. لا «لجنة» ولا «حوار»

منذ 11 سنة   شارك:

زار رئيس «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني» المستقيل خلدون الشريف رئيس مجلس الوزراء تمام سلام منذ يومين، ليؤكد له أنه ماضٍ في استقالته، وأنه بات من الضروري تكليف رئيس جديد للجنة، كما أفاد. وكان الشريف قد قدّم استقالته إلى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، الذي قبلها قبل تشكيل الحكومة الجديدة. وهو علّل أسباب الاستقالة بانتفاء قدرته على الحراك كسياسي، لكونه كان مستشاراً لميقاتي، واضطراره إلى الالتزام بالمهمات الموكلة إليه كرئيس للجنة، أي كموظف. فالشريف يعرّف عن نفسه: سياسي شمالي طرابلسي له رأيه الخاص والمستقل. وهو يرى أنه من البديهي أن يتغيّر رئيس اللجنة مع تسمية رئيس جديد للحكومة، خصوصاً أن المنصب تابع للرئاسة. علماً أن «الرئيس سلام لم يكن يمانع بقائي»، كما يقول.

حتى الساعة لم يسمّ سلام أحداً لتسلم مهام رئاسة اللجنة، والمعروف أنها من حصّة السنة، فيكون الخامس بعد السفير خليل مكاوي (2005-2009) والمحامية مايا مجذوب (2010-2011) والسفير عبد المجيد قصير (2011-2012) والشريف نفسه. وهي إذاً، أي اللجنة، في مرحلة تصريف للأعمال غير محددة الأجل.

على مساحة الـ10452 كيلومتراً مربعاً لا يبدو أحد من اللبنانيين أو الفلسطينيين، متضرراً من عملية تصريف الأعمال تلك أو من عدم تسمية رئيس جديد للجنة. ذاك لأنها، غالباً، لم تقدّم ولم تؤخر في مختلف القرارات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية تجاه الفلسطينيين اللاجئين إلى لبنان. وقد بقي دورها باهتاً، مع تمييز نشاط مكاوي بعيد أحداث نهر البارد. كلام يناقضه الشريف معتبراً أن اللجنة، ومن خلال صفتها الاستشارية، تمكنت من وضع سياسة راشدة للتعاطي مع الملف الفلسطيني في لبنان. وقد ترجم شخصياً رؤية الرؤساء المتعاقبين عليها في مشروع قانون تقدّم به إلى الحكومة ومنها إلى مجلس النوّاب يرمي إلى إنشاء «الهيئة العليا لشؤون اللاجئين الفلسطينيين» تكون المظلّة الوحيدة التي تجتمع الجهات الرسمية تحتها لإدارة الملف الفلسطيني. فتنتفي حينها الحاجة إلى لجنة الحوار، كما تعالج بذلك مسألة تشتت الملف بين الوزارات والقوى الأمنية.

«المشروع موجود اليوم على طاولة رئيس الحكومة وتعود إليه الخطوات المقبلة» يقول الشريف. وهو إلى هذا المشروع يطالب بإطلاق عمل المرصد الوطني لإحصاء الوجود الفلسطيني في لبنان. إذ لا يُعقل أن لا تمتلك الدولة اللبنانية أرقاماً حقيقية حول الفلسطينيين الموجودين على أراضيها، وأولئك الذين يقيمون في الخارج ويحملون وثائقها. إلى حين تحقيق ذلك، تبدو «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني» كعجوز هرمة لا تقوى على السير أو الكلام، ولعلّ موقعها الالكتروني يشهد على ذلك إذ أن غالبية المنشور فيه يعود إلى العام 2009، وفي حدّه الأقصى إلى العام 2012، أي سنتين. وهو ليس من عمل اللجنة بل إنه من صنع مراكز دراسات ومؤسسات غير حكومية دولية ولبنانية.

وفي حين أعطيت صفة «الاستشارية»، ألحق بقرار تشكيلها في تشرين الثاني 2005 مهام لم تؤدّها يوماً، وإن أدّتها لم تثمر، وهي:

معالجة المسائل الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والأمنية داخل المخيمات وللفلسطينيين المقيمين في لبنان بالتعاون مع «الأونروا»، ووضع آلية لإنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وإطلاق الحوار حول معالجة السلاح داخلها. بالإضافة إلى إصدار التوصيات الخاصة بالإصلاح الإداري والقانوني والتعديلات المتعلّقة بالإجراءات والسياسات المطبّقة بهدف تحسين ظروف الفلسطينيين وحقوقهم.

إذاً يراد من هذه اللجنة أن تكون الصوت الجامع لخطط وسياسات الجهات المعنية في الملف الفلسطيني في لبنان، فإذ بها تتحول إلى الصوت غير المسموع. في أحسن الأحوال هي الصوت الذي يسائل، فيسأل الشريف «مَن هي الجهات اللبنانية التي يجب أن تلتقي لرسم سياسة واضحة تضمن عدم التوطين، وتطالب بحق العودة كما بالتعويضات عن الفترة السابقة التي دفع خلالها لبنان ثمناً باهظاً اقتصادياً وأمنياً بسبب الوجود الفلسطيني على أراضيه؟». ويضيف «ماذا لو توقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لزمن طويل، وماذا لو اتفق الطرفان على شطب حق العودة؟».

من موقعه كرئيس للجنة، كان يجب أن يمتلك الشريف نفسه أجوبة على تلك الأسئلة أو على الأقل أن يكون من بين المعنيين في تحديد ورسم السياسات الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خصوصاً في ظلّ الأوضاع الفلسطينية الراهنة. لكن على ما يبدو أن الحكومة التي تمتهن سياسة النأي بالنفس تجاه النازحين السوريين، تواجه الملف الفلسطيني وفق سياسة النعامة.

أشار أحد الوزراء ذات مرة إلى أن «ملف الفلسطينيين متروك للتجاذبات»، معللاً أنه لم يطرح ولو مرة واحدة على طاولة مجلس الوزراء، لا عرضاً ولا في العمق. حتى حين تمت تسمية الوزير وائل أبو فاعور من قبل النائب وليد جنبلاط كوزير دولة لشؤون الفلسطينيين، رفض الاقتراح من دون جدل على أساس أن من يستلم الملف يجب أن يكون سنياً وليس من باب مناقشة ضرورة تكليف وزير خاص للفلسطينيين أم لا. والجدير ذكره أن التمسك بحجة تقليص «الأونروا» لتقديماتها في حال التفت اللبنانيون إلى الفلسطينيين، كانت وما زالت سارية المفعول.

الأكيد أن ملف الفلسطينيين يدار أمنياً على اعتبار أنه محكوم بهاجس السلاح والتوطين، فلا لجنة ولا حوار. حتى الساعة هناك «أرقام أمنية» تعيش في اثني عشر مخيماً وأربعة عشر تجمعاً، ربما لم تعد تنتظر قرارات حكيمة وراشدة من السياسيين اللبنانيين. فسواء تريد أو لا تريد، تدرك أو لا تدرك الحكومة اللبنانية كيف تتعاطى بالملف الفلسطيني، سوف تأتي اللحظة الإقليمية التي تجبرها على ذلك. وتكون صدمة من تلك التي لا تعمل الا عليها الحكومات المتعاقبة.

المصدر: مادونا سمعان - السفير
 



السابق

تنفيذ الخطة الأمنية يسابق الإنفلات الأمني في المخيمات

التالي

"شاهد" الحكومة اللبنانية سمحت لطلاب فلسطينيي سورية للتقدم إلى الامتحانات الرسمية


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!

الحزن ليس شعوراً عابراً، بل ذاكرة متجذرة في الوعي الجمعي للأمة! ما يؤلم اليوم أننا بتنا نرى الدين وقد تحوّل في بعض صوره إلى أداة ت… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير