أزمة أطباء الضفة.. بين سوء الإدارة وتضرُّر المواطن
يستمر إضراب الأطباء الفلسطينيين العاملين بمستشفيات الضفة الغربية المحتلة، بعد إيقاف طبيب عن العمل بسبب وفاة أم وجنينها في مستشفى رفيديا الحكومي بنابلس قبل حوالي شهر.
وكان الإضراب الذي يتركز في مستشفيات وسط الضفة وشمالها، قد بدأ الثلاثاء (9-6) بشكل كامل، فيما أضرب الأطباء جزئياً يوم أمس الأربعاء (10-6).
إيقاف ولجان..
من جهته قال نقيب الأطباء نظام نجيب إن الخطأ الطبي هو شيء خارج عن المألوف والعادات الطبية، وهو اجتهاد لم يكن إلا لإنقاذ حياة المريض وليس قراراً بالإيذاء.
وبين أنه تم تشكيل لجنة تقصي حقائق طبية من قبل وزارة الصحة، ولجنة أخرى طبية عليا شُكلت بمشاركة النيابة، وتم إيقاف الطبيب بناء على توصيات اللجنة الطبية، رغم أن توصيات وقرارات اللجنة الطبية العليا الثانية واللجنة الانضباطية الوزارية لم تصدر بعد، كما قال.
ويرى النقيب أن اعتقال الطبيب على خلفية قرارات لجنة واحدة دون اللجنتين الأخريين هو أمر غير مقبول جملة وتفصيلاَ، مرجعاً الاحتجاجات النقابية إلى هذا السبب.
وقال: "كان علينا انتظار نتائج التحقيق في اللجنة الطبية العليا حتى يأخذ القانون مجراه، فدستور النقابة الطبي وفي المادة 48 منه، يقول إنه لا يجوز إيقاف الطبيب بسبب خطأ طبي، إلا بصدور حكم قضائي قطعي، وهذا في ظل عدم وجود تشريع فلسطيني بخصوص المسائلة على الخطأ الطبي".
خطورة مستقبلية
وفي خطوة خطيرة ينبه لها نقيب الأطباء فقد عزف الأطباء عن التعامل مع الحالات الطارئة لإنقاذ الحياة، وبدأ الأطباء بالتذمر من أي حالة صعبة خوفاً من الوقوع في مشكلة خطأ طبي هنا أو هناك، حسب تعبيره.
وقال إننا لا نريد من الأطباء التخوف من معالجة المرضى، وخاصة الذين يعانون من الأمراض الخطيرة، خوفاً من الوقوع في خطأ طبي، وبالتالي يمسون في إطار الحساب والعقاب.
ويقف النقيب نظام مع حق المواطن والمريض في التشخيص أو العلاج أو التعويض، داعياً إلى أن تتحمل المؤسسة التي يعمل فيها الطبيب المسؤولية، عبر التأمين ضد الأخطاء الطبية.
وعبر نقيب الأطباء عن ثقة نقابته والأطباء بنزاهة القضاء الفلسطيني، واحترامهم وامتثالهم لقراراته، داعياً إلى أن يأخذ القضاء مجراه، مطالباً بعدم إيقاف طبيب دون الوصول إلى النهايات والتحقيقات الأخيرة.
وناشد النقيب الأطباء المقيمين والذين قدموا استقالاتهم منذ يومين؛ احتجاجاً على توقيف النيابة لأحد زملائهم، بالعدول عن استقالاتهم والعودة إلى عملهم والالتزام بقرارات النقابة والالتفاف حولها.
القضاء وليس الإضراب
من جهتها أعلنت وزارة الصحة أنها ستتخذ إجراءات قانونية بحق الأطباء المضربين عن العمل في حال استمروا في الإضراب.
وقال أسامة النجار، المتحدث باسم الوزارة في تصريحات صحفية، إن إضراب الأطباء غير قانوني، ويمس الخدمات الأساسية للمواطنين، وسيكون هناك إجراءات وفق النظام الإداري المتبع في وزارة الصحة، ومن ضمنها أن من يتغيب عن العمل يخصم عليه، وإذا استمر في التغيب سيتم اتخاذ إجراءات أخرى بحقه.
ويرى النجار أن الإشكالية ليست مع وزارة الصحة، وإنما حدثت بعد قيام النيابة باحتجاز أحد الأطباء من مشفى رفيديا الحكومي بنابلس، بعد وفاة أم وطفلها أثناء عملية الولادة، وبالتالي القضية قانونية بامتياز والقضاء هو من يبت فيها، حسب قناعته.
ويوصي النجار نقابة الأطباء بالتوجه إلى القضاء عبر الإجراءات القانونية للدفاع عن الطبيب، وليس بالإضراب وتعطيل عمل القطاع الصحي.
استغناء برسم الوزير
من جهته قال وزير الصحة جواد عواد، إن وزارته لا تجبر أحداً على العمل ومن يريد أن يستقيل له كامل الحرية، في المقابل هناك على قوائم الاختصاص أطباء ينتظرون لسد أي شاغر.
ويرى عوّاد أن قرار الاستقالات والاستنكاف عن العمل من قبل الأطباء المقيمين مخالف للوائح نقابة الأطباء.
وطالب الوزير جميع الأطباء الالتزام بعملهم، ملوحاً باتخاذ إجراءات ضد من استنكف عن العمل، وفق النظام، كما قال.
وعلى كل الأحوال فإن الفشل في معالجة أزمة من هذا النوع في وزارة خدمية من الطراز الأول في الضفة الغربية المحتلة، وما يترتب على ذلك من آثار سيئة تلحق بالمواطن الفلسطيني هناك، يضاف إلى سلسلة من التراكمات السلبية لدى المواطن الفلسطيني حول أداء الحكومة الفلسطينية الحالية برئاسة الحمد الله.
هذا الأمر يضع الحكومة على المحك خصوصاً بعد الانتقادات الفصائلية العلنية والقاسية بحقها واتهامها بالفشل وعدم القيام بمسئولياتها سواء في غزة عبر تجاهلها أو في الضفة المحتلة عبر سوء إدارتها وتفشي الفساد في أوساطها.
أضف تعليق
قواعد المشاركة