محمود أبو الحسنى/ غزة/ فلسطين
خاص شبكة العودة الإخبارية

هنا عند منحدرات التّاريخ، أمام فوهة المواجهة، قرب مستقبلٍ مقطوع الظّل، تفعل ما يفعله المقاتل الذي حمل سلاحه ووضع روحه على كفّه، تدافع عن قضيّتها وتقوم بواجبها ولكن بطريقتها الخاصة التي تناسب أنوثتها وطفولتها المسلوبة.

عزلةٌ تامّة اعتزلتها الطفلة ملك مطر (15 عام) عن الأهل في غرفتها الصّغيرة، تجلس فيها وهي تحتضن بين يديها جهازها المحمول تنشر تغريدةً هنا، وتدافع ببراءتها وبساطة علمها عن أعدل قضية في مواجهة أكبر كذبة عرفها التاريخ، كذبة الدولة اليهودية على أرض فلسطين.

أرضٌ بلا شعب وشعبٌ بلا أرض

تقول ملك أنّ عبارة «أرض بلا شعب وشعبٌ بلا أرض» هي من شكّلت داخلها اندفاعا حقيقياً وأثارت لديها روح المواجهة عندما لاحظت أنّ هناك الكثير من المعلومات المغلوطة المتداولة عن القضية الفلسطينية، خاصّةً في المجتمعات الغربية، فما كان منها إلا أن قامت بإنشاء صفحة باللغة الانجليزية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر باسم "history of palestine " لتؤرّخ من خلالها تاريخ القضية الفلسطينية ولدحض أكاذيب الاحتلال بالدلائل والبراهين معتمدةً على كتبٍ مهمّة لبعض المؤرّخين كإلياس صقر وطارق سويدان وغيرهم من المؤرخين الكبار.

أهداف ودوافع..

تقول ملك أنها تهدف من خلال صفحتها على تويتر أن تجعل الناس أكثر تمسّكاً بقضيتها، وأن تجعل القضية الفلسطينية موضع اهتمام ومحطّ أنظار أحرار العالم، وتعريف الناس بالشخصيات التاريخية وأبطال القضية الفلسطينية من شهداء وأسرى ممن كتبوا التاريخ بدمائهم وصمودهم. وكذلك التعريف بالمدن الفلسطينية المحتلة التي هُجّر الفلسطينيون منها قصراً.

أمّا عن أبرز العقبات والمشكلات التي واجهت أصغر مؤرخة فلسطينية، تقول ملك «رغم كثرة المتضامنين والمؤيدين لقضيتنا، إلا أنّني واجهتُ بعض الأشخاص ممن كانت أفكارهم ونظرتهم تجاه القضية مشوّهة، واختلطت عليهم الحقائق بحيث يرون الأحقية الإسرائيلية بفلسطين».

وتتابع ملك «لم يقتصر الأمر فحسب على أصحاب الفكر المشوّه بل تعدّى ذلك بمداخلات من حسابات إسرائيلية على بعض تغريداتي ونقدها وادّعائهم بأحقيّتهم بمدينة القدس والمسجد الأقصى. وعندما كنت أواجههم بالحقائق والأدلّة التاريخيّة سرعان ما ينتهي بهم الأمر إلى إنهاء المناقشة بالقذف والشتم والتهديد».

إبداع الرسم بصمت ..

والدة ملك رنا مطر، لاحظت على ابنتها الإبداع منذ طفولتها، حتى أنها سبقت عمرها بسنوات بوعيها وأفكارها المميزة. وحازت ملك على العديد من الجوائز المدرسية لفوزها بمسابقات الرسم في أكثر من مرّة.
وتقول والدة ملك «كانت الحرب الأخيرة على قطاع غزة سبباً في تفجير مواهب ملك وقدراتها نتيجة تأثرها بالعدوان الذي قتل الأطفال والنساء والأبرياء».

تطلعات مستقبلية

طموح ملك ورؤيتها لم يتوقّفا على صفحتها في موقع "تويتر" فقط، بل إنّها تسعى في المستقبل القريب إلى أن تطوّر الفكرة وتقدم على إنشاء موقع إلكترونيّ خاص بها. وتضيف ملك بأنها تسعى أيضاً إلى إنشاء قناة على "اليوتيوب" للحديث عن تاريخ القضية الفلسطينية وحضارتها وثقافتها ومدنها بالصوت والصورة وبعدة لغات.

هي ملك مطر، طفلة تصرّ على صنع الأمل من قلب الرّكام، أملٌ يتمثل بأذانٍ يصدح بحيَّ على الحياة، حيّ على الصمود. تواسي نفسها من نحن لنيأس أو نحزن، نحن بإمكاننا أن نصنع تاريخنا بأيدينا رغم كل شيء..