شباب مخيمات غزة.. أجساد تسكنها أرواح الأجداد

منذ 10 سنوات   شارك:

 يطوف الشاب أحمد أبو القمصان في شوارع مخيم جباليا الضيقة وخلفه أصدقاؤه يكبّرون ويهتفون بشعارات وطنية. كان عنق ذلك الفتى قطعة قماش طرزتها جدته أم نضال حين كانت في ريعان الشباب قبل أن تُهجر مع عائلتها قسرا من بلدة "دمرة" المحتلة.

انتهى أحمد من تلك الفقرة مع زملائه، واصطحب مراسل "الرسالة" إلى غرفته وهي عبارة عن زاوية في منزل جدرانه قديمة، ليطلعه على لوحة معلقة في صدر الغرفة. كانت عبارة عن قطعة قماش مطرز عليها عبارة: " دمرة في قلبي" فيما تزين أطراف تلك اللوحة ألواح خشبية ذهبية.

عمر تلك اللوحة 50 عامًا صنعتها الجدة وهي تذرف الدمع، حين لجأت مع عائلتها في إحدى الخيام التي نصبت للاجئين آنذاك.

" هذه من أجمل الهدايا التي أحتفظ بها من جدتي". يفتتح أحمد حديثه وهو يمسك الطرف السفلي من اللوحة الخمسينية.

ذلك الشاب لا يعلم لم هذا التعلق ببلدته المحتلة رغم أنه لم يشاهدها ولم يشتم رائحة ترابها يوما: "لا أعرف ما سر تعلقي ببلدتي، ولكن كل ما أعرفه أنني سأرجع إليها يوما". يكمل أحمد حديثه فيما كانت أنفاسه سريعة.

وبعد إلحاح كبير وطول رجاء تمكن الشاب من إقناع جدته أن يأخذ اللوحة ويضعها في صدر غرفته، ليبقى دوماً متعلقاً بقريته، وليستحضر التفاصيل الأليمة التي عصفت بعائلته خلال النكبة والتهجير في عام 1948.

ولا يزال أحمد وأسرته وكل اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من ديارهم، يحتفظون بشهادات ميلادهم وشهادات الأراضي التي كانوا يمتلكونها، ويورث الكبار هذه الأوراق أبناءهم وأحفادهم، ويحفظها غالبية اللاجئين في صناديق خشبية مزينة.

وقبل الخروج من باب الغرفة المهترئ ختم حواره أن يمد الله في عمره لينقل اللوحة التي صنعتها الجدة لأطفاله وإلى الأجيال المقبلة، لمحو المعتقدات التي نادى بها الكبار الإسرائيليون حين قالوا: " الكبار يموتون والصغار ينسون".

أما الشاب الجريح عبد الرحمن لبد الذي بُترت ساقه في الحرب الثالثة على غزة فلم يختلف مضمون قصته. يجلس على قارعة أحد شوارع مخيم الشاطئ القريب من شاطئ البحر، يقلب الصور المحفوظة بذاكرة هاتفه الذكي، كانت تلك الصورة قد التقطها لمدينته المجدل المحتلة وهو في طريق عودته من مشافي الاحتلال.

" فرحت وحزنت في نفس الوقت حين طلبت من السائق أن يقف في ذلك الشارع المؤدي إلى المجدل، كانت الدقائق سريعة لكنها ردت إلى جسدي الضعيف الروح".

اكتفى عبد الرحمن بأن يحيي ذكرى 67 للنكبة بتقليب صور مدينته، فيما يأمل دوما أن يعود مع من تبقى من عائلته ومن المهجرين إلى مدنهم وبلادهم المحتلة.

وتمثل حالتا الشابين اللاجئين قصة تمسك الفلسطينيون والأجيال التي لم تر لمرة واحدة أرضها المحتلة، بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها ولا يزال الصهاينة يقيمون فيها ويمنعون الفلسطينيين حتى من الوصول إليها.

انتفض عبد الرحمن واخذ بعكازه وراح يقول: "رغم كل ظروفنا القاسية، لا زلنا متمسكين بالعودة وبحلم الرجوع إلى أرض الآباء والأجداد".

المصدر: الرسالة نت



السابق

فلسطينيو 48 يحيون النكبة في جامعتي تل أبيب وحيفا

التالي

اللاجئ حسنية.. بقيّة من جيل النّكبة بمخيم العروب


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ شعبهِ!

القمع لا يقتل الأفكار، بل يورثها مزيداً من الاشتعال. وكل كلمة مكتومة تتحول جمراً تحت الرماد، تنتظر ريحاً صغيرة لتتحول ناراً تعصف ب… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير