سوق القطانين.. حركة التجارة مشلولة بفعل الاحتلال ومستوطنيه
بقدر ما يتمتع به من جمال الزخارف، واستحضار التاريخ، والأهمية المكانية، بقدر ما يكون مطمعًا للغزاة المحتلين ومستوطنيهم؛ حيث أثقل الاحتلال تُجّاره بالمغارم والضرائب، فيما عربد المستوطنون فيه بدعوى تأديتهم طقوسًا دينية.. وبين ماضيه الأصيل وحضارته العريقة، إلى واقعه المؤلم.. يظل "سوق القطانين" رمزًا مقدسيًّا لا تنطمس معالمه بفعل محتل ولا يبهت رونقه بعبث الغزاة.
"سوق القطانين" الذي يتزين بالزخارف والحجارة الحمراء والسوداء على مدخله، يعد من أبرز أسواق العهد المملوكي، ويعود بناؤه إلى السلطان سيف الدين تنكز الناصري عام 737هـ/1336م، ويوجد في العالم ثلاثة أسواق شبيهة له: "سوق القطانين" و"سوق الحمدية" في سوريا، و"سوق خان الزيت" في القاهرة.
معالم جميلة
ويتميز سوق القطانين -وهو أحد أسواق البلدة القديمة في القدس المحتلة- بتعداد الأماكن الجميلة فيه؛ فيما يعد أكثرها جمالاً حمام الشفا والعين؛ وكان الرحالة وزوار المدينة الذين يأتون للمدينة للصلاة في المسجد الأقصى قديمًا ينزلون في خان القطانين ويتجهون للحمامات؛ حيث كان العريس المقدسي يأتي للحمام وتبدأ طقوس حمام العريس والزفة في الحمام، ومن ثم يتجهون بالعريس إلى المسجد الأقصى لصلاة العشاء.
ويمتد سوق القطانين من الغرب إلى الشرق، وله مدخلان، الأول من طريق الواد، جهة الغرب، والثاني يؤدي إلى حرم المسجد الأقصى، جهة الشرق. ويتكون من عدد كبير من الحوانيت، وهي دكاكين متشابهة البناء والحجم، وتقع في صفين، وتحصر بينها ممرًّا مغطى بطريقة القبو نصف البرميلي المحمول على عقود مدببة، وتتخلله فتحات لإدخال الضوء والهواء، باستثناء الجزء الملاصق للباب، والمؤدي إلى الحرم الشريف مباشرة، وهو مسقوف بطريقة الأقبية المتقاطعة.
أعباء أثقلت التجار
ويحتوي سوق القطانين على 54 محلًّا تجاريًّا تتنوع في مبيعاتها ما بين قرطاسية وألعاب أطفال ومكسرات وهدايا تذكارية وألبسة ومقاهي، كما يحتوي على جامعة القدس وحمام العين والشفا.
وكعادة الاحتلال، لا يُبقي شيئًا جميلاً على حاله، إلا ويسعى لتخريبه والتنكيد على من يعيشون فيه أو يسترزقون منه؛ حيث يقول المقدسي زياد أبو سنينة: "الحركة التجارية في سوق القطانين صعبة للغاية بل مأساوية في الأيام العادية، أما يومي الخميس والسبت، واللذين يكثر فيهما الزوار إلى مدينة القدس تنتعش الحركة التجارية نسبيًّا عن باقي أيام الأسبوع".
ويضيف أبو سنينة لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "الضرائب والديون المتراكمة أثقلت التاجر المقدسي في سوق القطانين، فعمال البلدية لا ينفكون عن مخالفة تجار السوق، ومن يتعدى حد 60 سم من باب محله التجاري يغرم بمخالفة مالية تقدر بـ 500 شيكل".
مرتع للمستوطنين
وقال أيضًا: "شهريًّا يغلق 54 محلًّا تجاريًّا بالسوق بسبب المسيرة الشهرية للمستوطنين؛ حيث تأتي قوات الاحتلال وتخبرنا بإغلاق المحال التجارية في الساعة الخامسة مساءً لتوفير الأمن للمستوطنين وأداء الصلوات التلمودية عند باب القطانين المقابل بإطلالته لقبة الصخرة المشرفة والمسقوف عن غيره من الأسواق المجاورة له".
وشرح كيف أن المستوطنين يطلقون على باب سوق القطانين -وهو أحد أبواب المسجد الأقصى- "باب الهيكل أو باب جبل الهيكل"، ويأتون في أغلب الأوقات ليؤدوا صلواتهم التلمودية أمام باب القطانين الملاصق للمسجد الأقصى.
وتابع: "المستوطنون عندما يصلون يعملون على مضايقة التجار ويعيقون المصلين المتجهين إلى المسجد الأقصى، كما ويعتدون ويفتعلون المشاكل في السوق وعلى باب المسجد الأقصى".
وأضاف: "كاميرات المراقبة منتشرة في أنحاء البلدة القديمة، وعند حدوث أي مشكلة تهب قوات وشرطة الاحتلال لحماية المستوطن وإن كان هو مفتعلاً للحدث".
تعطيل للتجارة وتضييق على المصلين
أما التاجر أبو حسين فيقول: "إغلاق باب القطانين والمضفي للمسجد الأقصى يشل الحركة التجارية في سوق القطانين، الأمر الذي يؤدي لإغلاق التجار محالهم، فيما يتجه المصلون لأبواب أخرى".
وأضاف: "سوق القطانين وأسواق البلدة القديمة من سوق خان الزيت والعطارين تنتعش من الزوار القادمين إلى المدينة من أجل الصلاة ويساهمون في إنعاش التاجر المقدسي فتزداد مبيعاته عن الأيام العادية".
وأكد أبو حسين لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن سوق القطانين مستهدف من قبل الجمعيات الاستيطانية، فهو السوق الوحيد المحمي لأنه مسقوف؛ حيث من غير الممكن أن يتم إلقاء أي شيء عليهم أثناء أدائهم طقوسهم التلمودية أمام الباب، وهو السوق الذي يتجه إليه المستوطنون في مسيرتهم الشهرية لأداء الصلاة فيه.
أضف تعليق
قواعد المشاركة