صيادو غزة . . حصار بحري يدمر قوت يومهم
مع كل يوم تبدأ فيه الشمس بالمغيب، يركب الصياد الفلسطيني مروان الصعيدي (48 عامًا) البحر وأطفاله، للعمل في مهنة الطفولة التي تربى عليها، والتي لم تعد كما كانت سابقاً.
الصياد الصعيدي والذي لم يعد قادراً على تحريك يده اليمنى بسبب إصابته بها من زوارق الاحتلال وبتر أحد أصابعه، يؤكد لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، أنه لم يعد بإمكانه والصيادين أن يمارسوا مهنتهم بشكل يومي؛ بسبب ما يتكبدونه من خسائر بسبب ملاحقة زوارق الاحتلال لهم.
ولم يعد حال الصياد الفلسطيني كحال غيره من الصيادين، بعد أن فرضت عليه قوات الاحتلال الصهيوني حصاراً خانقاً مزقت شباكه ودمرت مراكبه، وارتقت أرواح من أجل الحصول على قوت يوم أطفالهم.
وتتصاعد الهجمات والانتهاكات اليومية بحق الصيادين في بحر قطاع غزة بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وقوات ودولة الاحتلال بوساطة مصرية في 26 آب/ أغسطس العام الماضي.
قلة الإمكانيات
ويتعرض الصيادون في قطاع غزة لمضايقات شبه يومية، عدا عن تقليص مسافة الصيد المسموح بها إلى ستة أميال، فإنهم يتعرضون للاعتقال والتحقيق واستهداف قواربهم بالإغراق أو الطلقات النارية التي تصيبهم أو تصيب مراكبهم بشكل مباشر.
ويقول الصياد الأربعيني إن زوارق قوات الاحتلال تتعمد استهداف الصيادين، وملاحقة مراكبه داخل المناطق المسموح بالصيد بها متمثلة بالـ 6 أميال، والتي لا يتمكنوا فيها من ممارسة عملهم بحرية كاملة.
ويشتكي الصياد الصعيدي من قلة الإمكانيات المتوفرة للصيادين لإصلاح ما دمره الاحتلال لهم من خلال منع دخول المواد الخاصة بإصلاح مراكبه ومواتير الدفع المائية.
وتمنع قوات الاحتلال إدخال مادة الـ "فايبر جلاس" المخصصة لإصلاح المراكب، بزعم استخدامها في تصنيع القذائف الصاروخية على يد المقاومة الفلسطينية، لتمنع بذلك أكثر من 150 صيادًا من إصلاح مراكبهم المعطلة.
وتُعد مادة الـ "فايبر جلاس" أو الألياف الزجاجية هي المكون الأساسي لصناعة وإعادة تأهيل القوارب المخصصة للصيد، حيث تكون على شكل مادة سائلة ويتم إضافة مواد كيماوية خاصة إليها لتشكيلها في قوالب لتصنيع وإصلاح قوارب الصيد.
دعوة لمراجعة اتفاقية التهدئة
من جهته طالب الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والنقابة العامة للصيادين المجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية بالضغط على الاحتلال لتوسيع رقعة الصيد ووقف اعتداءاته المستمرة ضد الصيادين، مطالبين الفصائل الفلسطينية بمراجعة اتفاقية التهدئة المبرمة مع الاحتلال برعاية مصرية.
ودعا ممثل الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين جمال جراد الفصائل الفلسطينية لمراجعة اتفاقية التهدئة المبرمة مع الاحتلال، بعد اعتقاله لنحو 42 صيادًا ومصادرة وتدمير 22 قاربًا.
وقال جراد إن الاحتلال يتحدى كل المشاريع الرامية لإنشاء ميناء بحري من خلال إطلاق النار على الصيادين، وخرقه لاتفاقية التهدئة التي أبرمت برعاية مصرية في السادس والعشرين من أغسطس الماضي.
وجاءت تصريحات جراد خلال وقفة احتجاجية نظمها اتحاد نقابات العمال، ونقابة الصيادين، رفع الصيادون خلالها لافتات وشعارات تؤكد أن الحصار جريمة ضد الإنسانية، و”لا للقرصنة الإسرائيلية”، متسائلين في لافتات أخرى عن ”غياب الضمير الإنساني من اعتقال الاحتلال للصيادين؟!”.
بدوره، قال نقيب الصيادين نزار عياش إن الانتهاكات والاعتداءات "الإسرائيلية" على الصيادين في تزايد مستمر منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار؛ حيث ارتفعت خلال الفترة الأخيرة لتصل إلى 5 اعتداءات يومياً.
وأوضح عياش أنه سُجل أكثر من 500 اعتداء على الصيادين ومراكبهم منذ انتهاء العدوان الصهيوني على غزة، أدت إلى استشهاد الصياد توفيق أبو ريالة وإصابة 7 صيادين آخرين.
وأكد عياش أن بحرية الاحتلال قلصت مساحة الصيد إلى أربعة أميال في السابع من الشهر الجاري، إلا أنها أعادتها إلى المساحة المسموح بها وهي 6 أميال. عادّاً أن الانتهاكات تهدف لتفريغ بحر غزة من الصيادين وتحويلهم إلى متسولين في الشوارع.
مصادرة المراكب
وبين عياش إلى أنه وصل عدد الصيادين الذي تعرضوا للاعتقال إلى 50 صياداً، أفرج الاحتلال عنهم باستثناء ثلاثة منهم لا يزالون في سجون الاحتلال، وتم مصادرة 20 قارباً مع معداتها، إضافة إلى تدمير 6 قوارب بينها أكبر قارب في غزة، وإغراق قارب كبير في عرض البحر، إضافة لتقطيع شباك الصيادين وتخريب معداتهم.
وطالب نقيب الصيادين خلال حديثه لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، الحكومتين الفلسطينية والمصرية بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل زيادة مسافة الصيد والالتزام بما ورد في اتفاقية التهدئة، وللتخفيف عما يلحقهم من أضرار مستمرة نتيجة ممارسات الاحتلال بحقهم.
يذكر أنه جاء في أحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار أن توسع "إسرائيل" نطاق الصيد البحري قبالة ساحل غزة إلى ستة أميال بدلا من ثلاثة أميال مع احتمال توسيعه تدريجيا إلى 12 ميلا، في حال صمدت التهدئة.
أضف تعليق
قواعد المشاركة