عرس وزفّة فلسطينية بذكرى يوم الأرض
يتذكر ابو خلدون، الفلسطيني المسن، آخر عرس أقيم في حيفا. كانت النسوة تزغردن، والأرض تهدر بدبكة الشباب وهيصة الفرح. وكانت المآدب ترفع والأفراح تعمر بأهلها. وكانت فلسطين في غير ثياب الحداد، مزهوّة ببناتها وبتراث مطرّز بالألوان.
كانت فلسطين القلب والمحور والوجهة، وكان أبو خلدون اللاجئ «المزمن» الى لبنان، واحداً من الشباب «الدبّيكة» ممن يجيدون زفّة العرسان ولم شمل الأحبة على كرسيين في فرح يبقى حديث البلدات لأسابيع.
وكانت فلسطين الفرح نفسه، لكنّ أبو خلدون وغيره ممن هجّروا وطردوا وتشتتوا، ما عادوا من أرباب الفرح، وحين يأتي تدمع الأعين على ذاك الزمن الذي لم يرجع بعد، وإن يسعى من ولد وكبر في المخيمات الى إعادته في أفراح مشابهة، لكنها ليست طبق الأصل.
في البرج الشمالي، وتحديداً في يوم الأرض، مسحة من فرح عبرت في عرس تراثي فلسطيني جمع ذكريات الكبار وامنيات الشباب، بتنظيم من ملتقى الحوار الانساني.
كل ذلك جرى بغياب الشعارات، حيث حضرت الازياء الفلسطينية التقليدية كما حضرت القهوة العربية والحنة والمزمار والقصبة وكل ما له علاقة باتمام العرس على افضل ما يكون. اما العريس جلال علي الاحمد وعروسه راغدة حمود المحمد، فجسدا في فرحتهما حلم كل فلسطيني مؤكدين بانه: «مهما طال الزمن فاننا عائدون».
وفي العرس، يتقدم العريس جلال علي الاحمد، بعد ان تولى رفاقه ترتيب زي العرس المرتبط بالتراث الفلسطيني، والعروس التي كانت منكبة على رسم الحنة على يديها، كما كانت تفعل النساء الفلسطينيات قبل النكبة في العام 1948، وتؤكد العروس: «سيأتي اليوم الذي احني يدي ابنتي خلال عرسها في فلسطين»، وتوجهت نحو فلسطين التي تبعد قرابة العشرين كيلومتراً عن مكان العرس في مخيم البرج الشمالي الواقع الى الشرق من صور في جنوب لبنان: «قد يسمع اهلنا هناك صوت الزفة علَّ الهواء ينقله اليهم».
ويقول منسق العرس فريد جمال: «لقد اردنا من هذا العرس التراثي ان يكون تحية الى الارض الفلسطينية في يوم الارض، اردناه ان يكون عرس الارض، ليكون حافزاً لأجيالنا ان تتمسك بفلسطين، وليجدد الفلسطينيون في الشتات تراثهم وثقافتهم الفلسطينية».
المصدر: المستقبل ـ فادي البردان
أضف تعليق
قواعد المشاركة