شكّل قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بوقف مساعداتها المالية، صدمة قوية لأصحاب البيوت المدمرة، والمؤسسات الأهلية، والفصائل الفلسطينية، مؤكدين أن القرار يفاقم معاناة المتضررين التي هي في أصلها لا تطاق.

وكانت "أونروا" أعلنت أنها مضطرة لتعليق المساعدات المالية للمتضررين من الحرب الأخيرة، لإعادة إعمار بيوتهم، بالإضافة إلى بدل الإيجار بسبب نقص الأموال، مشيرة إلى أنها حصلت على 135 مليون دولار فقط من أصل 724 مليون طلبتها أثناء مؤتمر الإعمار في القاهرة.

كارثة

"أبو حلمي" أحد أصحاب البيوت المدمرة أكّد لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أنه كان يعتمد على بدل الإيجار الذي تصرفه الأونروا للشقة التي يسكن فيها هو وعائلته بعد تعرض بيتهم للتدمير بشكل كامل خلال الحرب الأخيرة.

وأشار المواطن الفلسطيني إلى أن هذا الإعلان المفاجئ يضع الناس أمام كارثة حقيقية لما هم مقبلون عليه خلال الأيام القادمة.

يشار إلى أن أكثر من 66 ألف أسرة يعتمدون على ما تصرفه "الأونروا" لهم من مساعدة لتسيير أمور حياتهم الأساسية.

حماس: خطير وصادم

حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عدّت قرار "أونروا"، بأنه قرار "خطير وصادم للغاية"، مؤكدةً أن من شأنه مفاقمة معاناة غزة وتكريس مأساة آلاف الأسر المشردة والمدمرة بيوتهم.

وقالت الحركة على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم: "على الأونروا أن تعي خطورة هذا القرار، وألا تتخلى عن دورها، وأن تستخدم كل صلاحياتها كمؤسسة دولية تعني بشئون اللاجئين في الضغط على كل الدول المانحة والمجتمع الدولي للوفاء بتعهداتهم من أجل إعادة إعمار القطاع".

وحمّلت الحركة رئيس السلطة محمود عباس جزءًا كبيراً من المسئولية وهذه النتائج الخطيرة، لافتةً إلى أنه تخلى عن مسئولياته تجاه أبناء شعبه في غزة، ومنع وصول المساعدات وأموال الإعمار إلى مستحقيها.

وناشد برهوم، كل الدول التي اجتمعت في شرم الشيخ بالعمل فورا على دفع جميع المستحقات المالية التي تعهدوا بها حتى يتم إنهاء معاناة سكان القطاع.

إعلان إعدام

من جهته؛ أكد الخبير الاقتصادي الحسن بكر، أن ما أعلنت عنه الأونروا هو بمثابة إعلان إعدام لآخر آمال المشردين بإيجاد حياة كريمة مناسبة لهم، مبيناً أن هذا سينعكس سلباً على واقع الاقتصاد المنهار في قطاع غزة، والذي يمر بمنعطف كارثي خطير.

وقال بكر في تصريحٍ خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" إن قطاع الاقتصاد في غزة يمر بأزمة كارثية جراء أزمة الرواتب وتأخرها، مما تسبب بحالة شلل اقتصادي عام.

وطالب الخبير الاقتصادي بضرورة التحرك لإيواء المشردين ممن دمرت منازلهم، مبيناً أن حجم المأساة التي يتعرضون لها كبيرة جداً.

وأشار إلى أن آخر إحصائية لمعدلات من هم تحت خط الفقر تخطت حاجز الـ50%، فيما فاقت نسبة من هم تحت خط الفقر المدقع 30%، مبيناً أن هذه المعدلات تدق ناقوس الخطر لما يمكن أن يقبل عليه الوضع الاقتصادي خلال المرحلة القادمة.

كارثة إنسانية

أما أدهم أبو سلمية الناطق باسم الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار، فوصف هذا الإعلان من قبل الأونروا بأنه "كارثة اجتماعية وإنسانية"، مبيناً أن أكثر من 16 ألف أسرة ستكون بذلك مهددة بالرحيل من بيوتٍ استأجرتها، وكانت الأونروا قد وعدتهم بدفع بدل الإيجار.

وأشار أبو سلمية في حديث خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن الأونروا تدفع فقط لـ8 آلاف أسرة من أصل هؤلاء بدل إيجار، فيما ينتظر النصف الآخر ذات الأمر الذي قد يشكل صدمة لهم وهم بانتظار المأمول.

وبين الناطق باسم الهيئة الوطنية، أن كل مساعدات المؤسسات الدولية بما فيها الوكالة صُرفت فقط لأصحاب البيوت المدمرة جزئياً، فيما لا يزال أصحاب البيوت المدمرة كلياً ينتظرون فتح ملفهم وإعادة الإعمار، مما يشكل أيضاً ناقوس خطر تجاه المصير الذي ينتظر هؤلاء والذين يزيد عددهم عن 100 ألف شخص. بحسب أبو سلمية.

وحول خطوات اللجنة تجاه هذا الأمر؛ أوضح أبو سلمية، أنهم سيشرعون بسلسلة فعاليات احتجاجية أمام مقرات "الأونروا"، مبيناً أنها مؤسسة دولية من مؤسسات الأمم المتحدة والتي تقع عليها مسؤولية أخلاقية وقانونية.

وطالب أبو سلمية، "أونروا" بجهدٍ أكبر لكشف أسماء الدول التي امتنعت عن تقديم المبالغ التي وعدت بها، مستغرباً من مواقف الدول العربية المتفرجة تجاه ما يمر به قطاع غزة من أزمات متلاحقة.

وعدّ المتحدث، الأمم المتحدة شريكًا في تشديد الحصار على قطاع غزة من خلال خطة سري التي وجدت فيها فرصة للتلاعب بآليات وكميات مواد الإعمار التي تدخل إلى القطاع، وعبّر عن استغرابه لصمت السلطة تجاه تأخير أموال الإعمار، وقال: "كان يجب أن تقوم على الأقل وزارة الخارجية باتصالاتها من أجل ذلك".

وحمّل أبو سلمية، الاحتلال الصهيوني مسؤولية تأخر الإعمار، لافتاً إلى أن هذا التأخير ينذر بانفجار قريب لا تُؤمن عواقبه.