"خطر على أمن دولة إسرائيل ومواطنيها".. حجة تذرعت بها قوات الاحتلال الصهيوني لتنسج فصول حكاية مريرة أحالت حياة المقدسي أكرم الشرفا علقماً بعد أن أبعدته عن مدينة الخير والسلام.

"المركز الفلسطيني للإعلام" التقي المبعد المقدسي أكرم صلاح الشرفا (39 عاما) عن مدينة القدس المحتلة، ليروي تفاصيل الحكاية المرة.

وكان ما يسمّى قائد المنطقة الداخلية العسكرية لجيش الاحتلال اللواء "ايال ايزمبرح" أصدر قرارا إداريا بإبعاده هو وأربعة مقدسيين عن مدينة القدس المحتلة.

ويروي الشرفا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" وقائع هذا القرار على حياته بقوله: "استدعتني مخابرات الاحتلال لغرف التحقيق، وأجري تحقيق معي في بداية الشهر الجاري، ومن ثم سلمني جهاز الشاباك القرار بالإبعاد الإداري عن مدينة القدس، تحت بند تشكيل خطر على أمن دولة إسرائيل ومواطنيها".

ملف سري

ويقول الشرفا: "قرار الإبعاد يتم عن طريق توصية من قبل الشاباك، تحت بند ملف سري تقدمه جهاز الشاباك للجهاز العسكري، يفيد بأن المتهم لديه ملف سري، وبناءً عليه يصدر القائد العام بجيش الاحتلال قرار الإبعاد الإداري".

وتابع: "دولة الاحتلال تتخذ هذا القرار عندما لا تمتلك أية أدلة أو براهين أو حجج منطقية ليتم إثباتها قضائيا ولا يوجد لائحة اتهام تقدم بحق المتهم، فتلجأ السلطات والمحاكم الصهيونية والشاباك لقرار الإبعاد على أساس هذا الملف، وعليه يصدر قرار إداري بالمنع والإبعاد عن القدس".

ويضيف الشرفا: "استلمت قرار الإبعاد الإداري بتاريخ 4-12-2014 ، وعندما شاهدته تفاجأت أن القرار سارٍ مفعوله من تاريخ إصداره وليس من تاريخ استلامه باليد، وعليه كنت من بداية أربعة أيام من ديسمبر يعدّ تواجدي في القدس مخالفًا وغير قانوني".

بابتسامة الواثق بنصر الله وتمكينه يقول الشرفا: "جاء القرار مزلزلا في نفسي وكالصاعقة على عائلتي حيث يقضي بإبعادي عن مدينة القدس من 30-11-2014 وحتى 30-4-2015، ومذكور في القرار أنه من حقي الاعتراض خلال أسبوع من إصداره، ولكن قد مر عليه أربعة أيام، ومن الطبيعي أن يوم الجمعة والسبت تعطل المحاكم الصهيونية، والشاباك اختار موعد تسليم القرار بقصد لعدم تقديم اعتراض على القرار حيث لم يتبقَ غير يوم فقط وهو الأحد".

غابت العدالة

ويتابع الشرفا: "اتجه المحامي درغام سيف بتاريخ 7-12-2014 يوم الأحد للطعن في فحوى القرار والذي يقضي بإبعادي عن مدينة القدس، فأنا ابن القدس، تربيت وعشت وكبرت ولعبت في أزقتها، فكيف يتم إبعادي؟! وما مصير أبنائي؟! الأمر صعب جدا، لا أؤمن بالقضاء الصهيوني ولا بعدالته في إنصاف أهل مدينة القدس".

ويوضح الشرفا: "القرار الإداري يختلف عن القرارات والإبعادات السابقة؛ ففي الإبعادات السابقة كانت توجه لوائح اتهام ويقدم للمحاكم وبناءً على تهمة معينة، كان يتم إبعاده عن منطقته وإبعاده عن مدينته أو لخارج وطنه، ولكن هذا القرار يعدّ لأول مرة في دولة الاحتلال، حيث تصدر قرارات عسكرية تحت بند الطوارئ لعام 1945م بدون أي مساءلة قانونية وبدون تقديم لوائح اتهام وبدون عرض المتهمين على المحاكم".

ويرى الشرفا أن "حكومة الاحتلال تعمل على تقديم عدة سيناريوهات ممنهجة من أجل تمرير القرارات؛ فهذه الإبعادات والتي استهدفت خمسة من أبناء القدس، ترغب حكومة الاحتلال أن ترى ردة الفعل وكيفية التعامل مع الموضوع وهل يتم رفض الموضوع، وهل يتخذ المبعدون الخمسة موقفً موحدًا لكسر القرار، وردة فعل الشارع وردة فعل الإعلام، وردة فعل الحقوقيين، فإذا شاهدت المنطقة هادئة تعمل على تمرير قرارات سياسية جديدة للتعامل مع أهل مدينة القدس المحتلة".

ويخشى الشرفا أن تكون قرارات الإبعاد الأخيرة عن مدينة القدس المحتلة، هي بداية للتعامل مع ما يجري في محيط مدينة القدس، حيث استهدفت حكومة الاحتلال منذ عام 2011 نواب المجلس التشريعي، والذين كانوا معتصمين في الصليب، حيث سربت معلومات عن تهديد 317 شخصًا من نشطاء السياسيين والدينيين والإعلاميين بإبعادهم عن مدينة القدس، حيث هددت ووعدت بذلك.

إبعادات جديدة

ويتابع الشرفا: "القرار الإداري هو مقدمة لإبعادات جديدة، حيث استهدفت حكومة الاحتلال إبعادات المواطنين عن المسجد الأقصى، ومورست في البداية على بعض الأشخاص لعدة سنوات، ومن ثم أصبحنا نرى العشرات، ومن ثم المئات الآن من المبعدين عن المسجد الأقصى".

في حين تم إبعادي عن المسجد الأقصى من 6-11-2013 إلى 3-3-2014 ولم أدخله لفترات متلاحقة وممتدة ما بين اعتقال وإبعاد وإقامة جبرية بالمنزل.

يردف بالقول: "اعتقلت لعشرات المرات بسبب الرباط في المسجد الأقصى، وتفاجأت بصدور قرار يفيد ليس بإبعادي عن المسجد الأقصى وليس بإبعادي عن البلدة القديمة، بل بإبعادي عن مدينتي مدينة القدس".

ويؤكد الشرفا على أنه مرابط وموجود في المنطقة التي تضمن له القرب من مدينة القدس، وتكفل حقه بالقرب منها، رافضًا الانصياع المطلق لهذه القرارات الظالمة والمجحفة بأبناء مدينة القدس.