صورة إنسانية مؤلمة - فقط في غزة…"حصة" دراسية لـ"شطف" الفصول من مياه الأمطار وركام مازال يتساقط؟
قُرع الجرس وأذن لكل الطالبات بأن يدخلن الفصل، تمهيداً لبدء يوم دراسي جديد، لتقليب الكراسات وكتابة الأمنيات التي دُمرت مع الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
أمنياتٌ وسجل علاماتٍ ودفتر الغياب وكراسات مزقتها نيران القذائف التي تساقطت بكثافة على مدرسة الشجاعية شرق مدينة غزة.
مقاعد وسبورة مهشمة بشظايا تطايرت من قذائف أطلقت من آلات الموت المُدمرة ونوافذ محطمة لا تمنع برداً قارصاً ومياه أمطارٍ تتساقط بغزارة على المدرسة ومعلمة تُحاول إبعاد الطلبة عن الجهة الغربية للفصل خوفاً من شدة هطول الأمطار ولكن سُرعان ما يثبت بأن لا مفر من المياه التي تدافعت بقوة داخل الفصول التي قصفت بعشرات القذائف التي أطلقتها المدفعية الإسرائيلية التي كانت متوغلة شرق الشجاعية ضاربة بعرض الحائط كل القوانين الدولية التي وضعت حدا لعدم المساس بالأماكن التعليمية والدينية.
صور عديدة تتمثل في معاناة جديدة بمدرسة الشجاعية للبنات لا سيما بعد تأثير المنخفض الجوي وتساقط الأمطار على قطاع غزة فأضافت تلك المعاناة معاناة أخرى وقعت على عاتق الطالبات ألا وهي إزالة ما يترتب على هطول هذه الأمطار " تقشيطها " وتخصيص (حصة) لتنظيف الفصول من المياه وبعض الرُكام الذي مازال موجودا داخل الفصول نتيجة قصف المدفعيات.
ثلاثة طالبات يمسكن بيدهن (القشاطات) ويرفعن ملابسهن عن الأرض تجنباً للقاذورات والغرق من مياه الأمطار يحاولن طرد المياه من داخل فصلهن تمهيداً لبدء يوم دراسي بعيداً عن المعيقات او ما يفشل صفو تركيزهن في طلب العلم.
الطالبة " أسماء " في الفصل الثامن، ترتدي الزي المدرسي النظيف وتحاول ملاحقة المياه التي تدخل داخل الفصل تروي لدنيا الوطن وهي تنظف مدخل الفصل وتقول " منذ عودتنا للمدرسة ونحن نخصص جزءا من وقتنا لتنظيف المدرسة مما أصابها ولو بشيء بسيط من أجل إكمال الفصل التعليمي الذي بدأ يداهمنا شيئاً فشيئاً.
وتواصل أسماء قولها " منذ بدء هذا اليوم الماطر ونحن قررنا أن نخصص حصة لإزالة المياه التي تدخل إلى الفصل خاصة أن مدرستنا تعرضت لقصف مما أدى إلى حدوث خروق في سقف الفصول وهذا الأمر أدى إلى غرق بعض الفصول ".
(يلا يا أسماء خلينا نكمل الممر التاني لانو المية وصلت عليه).
بهذه الكلمات بدأت الطالبة نُهى حديثها مع زميلتها أسماء لحظة حديثنا معها، فانطلقتا مسرعتين إلى الممر المقابل لفصلهما من أجل إزاحة المياه خارج الممرات تخوفاً من دخولها لبعض الفصول التي تفتقد للنوافذ والأبواب بفعل الدمار الذي لحق بالمدرسة.
دُنيا الوطن قابلت إحدى المدرسات التي تعمل داخل مدرسة الشجاعية الإعدادية للبنات وسألتها كيف تتم العملية التعليمية في ظل الدمار الذي لحق المدرسة؟
تقول المعلمة " حنين " وهي داخل الفصل تُحاول أن تتعامل مع الطالبات بحالة استثنائية خاصة بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة من خلال التخفيف عنهن أثناء الحصص التعليمية من خلال الإنشطة والتفاعل الحيوي.
وتواصل قولها " تفاجئنا اليوم بأن المياه غمرت الفصول وأن الطالبات لديهن إصرار كبير على تنظيف الفصول فلم نستطع منعهن عن ذلك من شدة إصرارهن على التنظيف قبل التعليم وهذا بحد ذاته دليل على إصرارهن على التعلم.
وطالبت المعلمة " حنين " كافة المعنين والمانحين ببدء ترميم المدارس التي دُمرت وأن مدرسة الشجاعية واحدة من عشرات المدارس بلا نوافذ وأبواب وأدنى مستويات السلامة.
يُذكر بأن الإحتلال استهدف في الحرب الأخيرة على قطاع غزة أكثر من 200 منشأة تعليمية بشكل مباشر حسب إحصائية نشرتها وزارة التربية والتعليم العالي بغزة ، حيث دمر الإحتلال 24 مدرسة بشكل كامل و120 مدرسة دمار جزئي من القطاع الحكومي، و70 مدرسة تابعة للأونروا و12 مؤسسة للتعليم العالي بالإضافة لعشرات الروضات والأماكن التعليمية الخاصة.
أضف تعليق
قواعد المشاركة