وضعت منطقة البداوي بما فيها مخيم اللاجئين الفلسطينيين ومحيطه من المنكوبين إلى وادي النحلة تحت المجهر الأمني، تحسبا من حصول خرق أمني في ضوء معلومات أمنية عن استعداد مجموعات إرهابية للقيام بعمل انتقاما من انجازات الجيش اللبناني في عاصون وطرابلس وبحنين ـ المنية.

وتحتل منطقة البداوي موقعا وسطيا بين طرابلس وبحنين اللتين دارت فيهما مواجهات بين الجيش اللبناني والمجموعات الإرهابية، ما يعطيها أهمية فرضت مؤخرا تعزيز الاجراءات الأمنية، خصوصا في ضوء عملية قتل عسكري لبناني عند احدى نقاط الجيش في البداوي مطلع الشهر الماضي وإلقاء القبض لاحقا على المرتكبين داخل منطقة المنكوبين، فضلا عن الحديث المتنامي عن وجود بعض الخلايا على أطراف المخيم وربما داخله.

وفي موازاة ذلك، اتخذت الفصائل الفلسطينية سلسلة إجراءات أمنية بالتنسيق مع القوى الأمنية اللبنانية لقطع الطريق على أي محاولة لتوريط المخيم، او زجه في معارك جانبية قد تكون لها تداعيات كبيرة، خصوصا في هذا الوقت الذي يعاني فيه المخيم وقاطنوه من مشاكل اجتماعية ومعيشية وخدماتية صعبة، نتيجة تضاعف أعداد سكانه ليصل إلى 43 ألف نسمة يعيشون في كيلومتر مربع واحد، بفعل عوامل عدة أبرزها النزوح الفلسطيني من سوريا الى لبنان.

وكما هو معلوم فان مخيم البداوي يقع ضمن حزام بؤس لبناني، وفي محيط منطقة أمنية ملتهبة تمتد من جبل محسن إلى المنكوبين والريفا، ولطالما شكل هذا الأمر هاجسا لدى قياداته والأجهزة الأمنية اللبنانية، إلا ان طبيعة التنسيق القائمة بين الطرفين ساهمت مرات عدة في منع النيران من الوصول إلى المخيم، كما نجحت في توقيف العديد من المطلوبين للعدالة، وآخرهم شخصان تم توقيفهما أمس في المخيم بناء لمعلومات أمنية لبنانية، وهما متورطان بأحداث الأسواق الأخيرة في طرابلس، فضلا عن توقيف شبكة لتزوير الأموال وتجارة المخدرات قبل أيام قليلة.

لكن هذه الإجراءات وعلى الرغم من فعاليتها، لم تبدد المخاوف لدى الطرفين اللبناني والفلسطيني، كما لم تلغ العديد من السيناريوهات الأمنية حول إمكان تغلغل بعض المطلوبين فيه عبر الأحياء المتداخلة مع محيطه، وهو الامر الذي استدعى من الفصائل رفع الجهوزية من خلال تشكيل لجان في الأحياء لحمايتها ومنع تأجير أي منزل من دون الرجوع إلى اللجنة الأمنية للتأكد من بيانات الشخص ومن عدم وجود أي شبهة أمنية حوله.

وكانت القوى الأمنية الفلسطينية ألقت القبض على احمد وجلال الست وهما من منطقة الأسواق الداخلية بطرابلس، ومتهمان بالتورط في القتال ضد الجيش، بعد ان فرا من الأسواق باتجاه منطقة عيون السمك وعادا إلى المخيم نظرا لوجود أقارب لهما فيه.

وأوضح أمين السر الدوري للفصائل الفلسطينية أبو عدنان عودة أن «التنسيق مع الجهات الأمنية اللبنانية قائم، ونحن نعمل بداية على حماية المخيم، ومنع استخدامه كملاذ من قبل أي شخص يريد العبث بالأمن اللبناني».

وأضاف «هناك لجان شعبية تعمل في الأحياء، وهي من كل الفصائل ولجان المساجد والأهالي، من اجل مراقبة هذه الأحياء ومنع أي غريب من الدخول إليها».

ووفق مسؤول الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في الشمال أركان بدر فإن عدد المقيمين في المخيم يبلغ 43 ألف نسمة، وهم يتوزعون ضمن مساحة كيلومتر مربع واحد على الشكل الآتي: 18 الفا من أبناء المخيم الذين كانوا لجأوا إليه ابان نكبة 1948، و8000 من نازحي مخيم نهر البارد الذين كنوا تهجروا بعد أحداث عام 2007 بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام»، و5000 من المهجرين الفلسطينيين من سوريا، و4000 من المهجرين السوريين، و6000 من اللبنانيين القاطنين في الحي اللبناني داخل المخيم، ونحو 1200 كردي من سوريا.

المصدر: عمر ابراهيم - السفير