مفقودو حرب غزة .. جرح مفتوح من يملك إغلاقه

منذ 11 سنة   شارك:

 المركز الفلسطيني للإعلام: بعد مرور أكثر من خمسين يوماً على وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، لا يزال مصير عدد من المفقودين في الحرب يمثل جرحاً نازفاً لم يندمل، وأوجاعاً مفتوحة على كل الاحتمالات لدى العائلات التي تتلمس كل لحظة أي نبأ عن الغوالي المفقودين.

نور ودراجته المحطمة

فالفتى نور الدين عمران (16 عاماً) خرج صباح (25-7) من منزله متجهاً إلى مزرعة الدواجن التي تمتلكها عائلته في بلدة القرارة، ليطعم الدجاج الذي شارف على البيع والتسويق، دون أن يعلم أن قوات الاحتلال بدأت عملية توغل في البلدة.

يقول والد نور الدين لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "كان ابني يذهب بصورة مستمرة لتفقد المزرعة التي كانت تحتوي على ثلاثة آلاف دجاجة مع اقتراب وقت بيعها، وبهدف إطعام الدجاج، وفي ذلك اليوم غادر على دراجته النارية، ولكنه لم يعد".

لم يكن نور الدين يعلم عندما خرج أن قوات الاحتلال بدأت عملية توغل في المنطقة، ولكن هذا ما علمته العائلة بعدما لم يرجع نور الدين، فخرج شقيقه بلال يبحث عنه ليكتشف توغل قوات الاحتلال في المنطقة، فعاد دون أن يتمكن من معرفة مصير شقيقه أو المزرعة.

حالة من القلق والترقب وعشرات الاتصالات أجرتها العائلة مع الصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان ولجان الطوارئ والمستشفيات، علها تعثر على أي معلومة عن نور الدين لكن دون جدوى، ومر يومان لم تنم فيهما العائلة حتى إذا أعلن الاحتلال عن تهدئة إنسانية يوم (27-7)، سارع الأب باتجاه المزرعة ليكتشف أن قوات الاحتلال تتواجد في المنطقة، وبالتالي لم يعرف شيئاً.

أربعة أيام أخرى مرت قاسية ومؤلمة، والعائلة تترقب كل لحظة أية معلومة عن الفتى نور الدين، حتى إذا ما أعلنت تهدئة أخرى، سارع الأب مع عدد من أفراد عائلته للبحث عن نور، ولكن محاولتهم باءت بالفشل بعد أن عثروا على دراجته النارية وهي محطمة بعد تعرضها للدهس من قبل إحدى دبابات الاحتلال، ولم يكن عليها أي آثار دماء لنور.

وقال الأب بتأثر: "لم نعثر على نور أو جثته، كل ما وجدناه الدراجة النارية قرب أحد المساجد الذي كنت أوصيته أن يوقفها قربه، ليكمل مشواره سيراً على الأقدام نحو المزرعة التي نفق بها الدجاج، بسبب القصف".

بعد توقف الحرب عاد الأب للمنطقة ذاتها باحثاً عن ابنه دون جدوى، ولكنه هذه المرة وجد شخصين أبلغه أحدهما أن قوات الاحتلال اعتقلت ابنه، وهو أمر لم يتم التأكد منه.

وتقوم قوات الاحتلال في بعض الحالات بإبلاغ ذوي الأشخاص الذين تعتقلهم عبر الهاتف، فيما توفر المؤسسات الحقوقية كالصليب الأحمر معلومات بعد أيام عن مكان احتجاز المعتقل، وهو أمر لم يتحقق بشأن نور الذي بقي مصيره مجهولاً حتى الآن.

أحمد .. غياب موجع
لم يكن نور الدين هو الوحيد الذي تفقد آثاره خلال الحرب، فالشاب أحمد محمود اللحام (29 عاماً)، الذي يعاني من اضطراب نفسي فقدت آثاره في ثاني أيام التوغل البري لقوات الاحتلال في بلدة القرارة شرق خان يونس، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن.

وقال والد أحمد لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "اقتحمت قوات الاحتلال خلال توغلها في القرارة منزلنا وحجزتنا في الطابق الأرضي، وفقدنا في اليوم الثاني ابننا أحمد الذي يعاني من حالة نفسية، حيث خرج ولم يعد".

وأضاف: "كنا نعتقد أنه لجأ إلى منزل أحد الجيران في ظل القصف والعدوان، ولكن بعد انتهاء العدوان لم نعثر عليه لا بين الجرحى ولا بين الشهداء، ولم نبلغ أنه جرى اعتقاله من قبل قوات الاحتلال".

وذكر أنهم شاهدوا دماء في منطقة كان يتردد عليها، ولكن لم يعرفوا إن كان هذا الدم يعود له أم لا، وبقي مصيره مجهولاً رغم إبلاغ الصليب الأحمر بفقده منذ أيام الحرب.

باسل وإبراهيم .. قساميان
أما المجاهدان القساميان باسل أبو النجا وإبراهيم العمور، فكانا ضمن طلائع المقاومة التي تصدت لقوات الاحتلال في بلدة الفخاري شرق خان يونس، وانتهت الحرب دون أن يعودا أو يتم العثور على جثتيهما، فيما انتشل أحد الشهداء، واعتقلت قوات الاحتلال شخصاً آخر كان برفقتهم.

وبعد قرابة 50 يوماً من الحرب، أبلغت قيادة حركة حماس وكتائب القسام عائلتي أبو النجا والعمور رسمياً استشهاد نجليهما خلال معركة التصدي لقوات الاحتلال التي اجتاحت بلدة الفخاري شرق خان يونس.

ومع شعور العائلتين بالفخر والشرف من نيل ابنيهما الشهادة في معركة البطولة والتصدي لقوات الاحتلال، فإن عدم العثور على جثتيهما ألقى بظلاله على تلقيهما النبأ.

وقال الحاج سعيد العمور والد إبراهيم لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "الشهادة شرف وفخر، وهذا ما كان يريده ابني إبراهيم، لكني لم أستلم أو أشاهد جثمان ابني".

وأشار إلى أنه توجه إلى المكان الذي يقال أنه استشهد فيه، وتابع عمليات البحث عنه التي استمرت عدة أيام، وكيف أنه جرى انتشال جثة أحد الشهداء من المكان دون انتشال جثة ابنه مع الآخر باسل أبو النجا الذي لم يعثر على جثته أيضاً.

وذكر أنه أبلغ الصليب الأحمر على افتراض أن إبراهيم قد يكون تعرض للاعتقال كما الشخص الآخر، ولكنه لم يتلق رداً أو تأكيداً حول ذلك، لافتاً إلى أنه رفض فتح بيت عزاء دون توفر معلومات ملموسة عن جثة ابنه.

من جانبها، قالت الناطقة الإعلامية للصليب الأحمر في غزة مسعدة سيف، إن العديد من العائلات الفلسطينية تقدمت بطلبات بخصوص فقدان أحد أفرادها، مؤكدة أن هناك "15 طلبا إلى الآن لم يتم التعرف على مصير أصحابها ولا معلومات عن مصيرهم".

وأوضحت سيف أن الصليب الأحمر يعتمد ما يسمى بـ"دائرة تقفي الأثر والبحث عن المفقودين"، ويحاول التواصل مع العديد من الجهات، والتي منها الاحتلال الصهيوني بهدف جمع معلومات، واصفة عملية البحث بأنها "ليست سهلة، هناك خيوط كثيرة، وتحتاج إلى وقت".

ويبقى مصير المفقودين خلال الحرب، جرحاً نازفاً في وجدان ذويهم لا يندمل إلا بمعلومات دقيقة تحدد مصيرهم سواء أحياء أو شهداء.



السابق

اشتباكات في محيط مخيم النيرب بحلب تؤدي إلى قطع الطريق عنه

التالي

دراسة لمركز الزيتونة بعنوان "قطاع غزة التنمية والإعمار في مواجهة الحصار والدمار"


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

فلسطين… قضيّةٌ عادلةٌ بِأيدٍ فاسدةٍ!

من أكثر ما يعتصر القلب أن ترى قضية عادلة تُحاكم أمام محامٍ فاشل وفاسد. هذه هي مأساة فلسطين، قضية مقدسة وأرض مغتصبة، لكن من يقف في … تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير