تعتبر توليا كاريني الإيطالية، عشرون عاما، أصغر أعضاء الوفد التضامني الذي يزور لبنان في ذكرى مجزرة صبرا شاتيلا. تعرف توليا، ابنة مؤسس لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» ستيفانو كاريني، عن فلسطين أن فيها شعباً طُرد من أرضه بطريقة غير عادلة، ويتعرض يومياً لعمليات قتل وطرد. وتعتقد أنه من المهم للمجموعة الدولية التحرك من أجل الفلسطينيين لأنهم شعب متعلم ومتحضر. توضح أنها لم تتحدث يوماً مع والدها عن فلسطين، لكن تعرفت إليها عبر الكتب. وتعرف عن اليهود أنهم عاشوا مع الفلسطينيين في أرض واحدة قبل قيام إسرائيل، لكن الإسرائيليين علّموا اليهود على كره الفلسطينيين. وتخبر أصدقاءها عن الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون وتجد لديهم تجاوباً، وتقول: «في إيطاليا أصبح كثيرون من الناس متضامنين مع الفلسطينيين».

في سفارة فلسطين في بيروت، طلب الوفد الإيطالي معلومات عن نازحي مخيم اليرموك، والحقوق المدنية لفلسطينيي لبنان، والوحدة الفلسطينية، مؤكداً أن الوحدة تساعد حركات التضامن العالمية على أن تكون أكثر فاعلية. وتولى أمين سر «حركة فتح» في لبنان فتحي أبو العردات الشرح بحضور الفصائل المنضوية تحت لواء «منظمة التحرير الفلسطينية».

اليرموك

في موضوع النازحين من سوريا، بلغ عدد الفلسطينيين الذين قدموا من مخيم اليرموك إلى لبنان اثنين وثمانين ألف فلسطيني، من أصل عدد سكان المخيم البالغ مئة وخمسين ألفاً. عاد منهم أربعون ألفاً، ولكن ليس إلى المخيم، بل إلى المناطق المحيطة به. ولا يزال داخل المخيم ثمانية عشر ألف نازح يزورهم وفد من منظمة التحرير شهرياً ويقدم لهم مساعدات.

وفي لبنان بقي اثنان وأربعون ألف نازح، تقدم وكالة «الأونروا» مبلغ مئة دولار شهرياً لكل أسرة، بينما تقدم منظمة التحرير خمسين دولاراً لكل عائلة، على فترات متفرقة، وهناك ألف ومئة نازح لا يحصلون على المئة دولار. وأوضح أبو العردات أن مئتين وخمسين فلسطينياً غرقوا في السفينة التي كانت تبحر من ليبيا إلى ايطاليا، بعد انتقال قسم منهم من غزة عبر الإسكندرية.

في الحقوق المدنية، اعتبر ابو العردات أنها تطال العمل والسكن والطبابة والتعليم، لكن الحكومة اللبنانية تمارس نوعاً من الازدواجية في التعامل مع الفلسطينيين، فهي تتضامن معهم من جهة، وترفض من جهة ثانية إعطاءهم الحقوق المدنية، لأنها تربط بين تحسين أوضاعهم والتوطين.

وقد احتلت الوحدة الفلسطينية الحيز الأكبر من الاهتمام لدى الوفد، لا سيما بعد عدوان غزة. وقال أبو العردات إن الشعب الفلسطيني خرج من العدوان أكثر إصراراً من أي يوم مضى على حقه في مقاومة الاحتلال.

أضاف ان هناك التزامات على الأطراف التي وقعت وثيقة المصالحة الفلسطينية، معتبراً أن الرئيس الفلسطيني قدم ما يترتب عليه، وشكلت حكومة الوحدة الوطنية، ومن المفترض أن تباشر الحكومة عملها لإنجاز مهمتين هما: الإشراف على الانتخابات التشريعية، وإعمار غزة، لكن وزير الصحة مثلاً طرد من غزة عندما زارها، ولم يسمح لخمسة وزراء بالعمل فيها. وأوضح أن اللجنة المركزية لـ«حركة فتح» كلفت خمسة كوادر برئاسة أحمد العزام التوجه إلى مصر والاستمرار في الحوار مع «حركة حماس» في المواضيع الخلافية التي تعيق إنجاز المصالحة الكاملة وتوحيد الصف الفلسطيني. واعتبر أبو العردات أن العدوان توقف، لكن المعركة لن تنتهي حتى تقر إسرائيل بمطالب الحد الأدنى وهي إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وحق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم.

تواطؤ ومحاكمة

تحدث موريسيو موسولينيو باسم الوفد موضحاً أن الحكومات الأوروبية متواطئة مع الحكومة الإسرائيلية لأنها تريد مصالحها، بينما أصبح في أوروبا رجال ونساء كثيرون يتضامنون مع الفلسطينيين ضد الصهيونية. وقال إن الوفود التضامنية ترى جيلاً من الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان وغزة، يريد حق العودة وهي قضية توحد الفلسطينيين، مضيفاً أن أهم ما طلبه الناس من الوفد الذي كان في عداده في غزة هو وحدة القيادة الفلسطينية. وأكد أن تلك الوحدة تساعد جميع حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن ايطاليا توحدت تحت الحكم الفاشي من أجل مواجهته. ووعد باستمرار المطالبة بحق العودة، وتأمين الحقوق المدنية للاجئين والعدالة من أجل الضحايا والأحياء.

وطرحت في اللقاء مسألة محاكمة إسرائيل على جرائمها، فأوضح عضو «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أبو جابر أن إحالة جرائم إسرائيل في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية، تستدعي انضمام السلطة الفلسطينية إلى معاهدة روما الخاصة بالمحكمة. لكن، المسألة سيف ذو حدين، فكما تستطيع المحكمة استدعاء الإسرائيليين للمحاكمة، فإنها قادرة على استدعاء فلسطينيين تحت عنوان ممارسة الإرهاب.

بعد سفارة فلسطين، زار الوفد مقر «الحزب الشيوعي اللبناني». ورأى الأمين العام للحزب خالد حدادة أنه على الرغم من المجزرة التي شهدها لبنان في العام 1982 بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، إلا أن ذلك العام شهد ولادة «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية». وقال إن زيارة اللجنة تأتي اليوم بالتزامن مع مجزرة ترتكبها الولايات المتحدة وحلفاؤها وتمتد من فلسطين والعراق إلى لبنان.

الجهد الدائب

وفي «نقابة الصحافة»، عقد الوفد مؤتمراً صحافياً بحضور رئيس تحرير «السفير» الزميل طلال سلمان، فرحب النقيب محمد البعلبكي بالوفد، وأشاد بـ«الجهد الدائب الذي يبذله هؤلاء المناضلون الأمميون الذين يأتون في كل سنة لإحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا».

وأكدت ستيفانيا ليميتي (ايطاليا) باسم وفد اللجنة، حقوق الفلسطينيين المدنية في لبنان تمهيداً لعودتهم الى ديارهم، وحقهم في تقرير المصير والمقاومة. وحثت الحكومة اللبنانية والدول المانحة على استكمال بناء مخيم نهر البارد.

وتناولت ألين سيغال (أميركا) الوعي الجديد في الأوساط اليهودية الأميركية. وقالت إن التظاهرات التي جرت مؤخراً لإدانة إسرائيل كانت كأنها تجري للمرة الأولى.

وتحدثت الدكتورة زليخة اسماعيل (ماليزيا) عن المحاكمات التي نظمت في كوالالمبور ضد إسرائيل لجرائمها بحق الشعب الفلسطيني، ولا سيما صبرا وشاتيلا، وضد أميركا لجرائمها في العراق.

أما السيدة سيركو كيفيستو (فنلندا) فلفتت إلى نشاط الجمعيات المدنية الفنلندية في دعم حقوق الشعب الفلسطيني.

وروى ماجد أبو خضير، عم الشهيد محمد أبو خضير، قصة استشهاد ابن أخيه حرقاً.

المصدر: زينب ياغي - السفير