غزّة تصحو على أزمة سكنية خانقة

منذ 10 سنوات   شارك:

 انتهت الحرب، وتجددت معاناة آلاف النازحين من بيوتهم التي دُمّرت إبان العدوان على غزّة، فلم يعد أمام هؤلاء خيار إلا البحث عن مأوى جديد إلى حين إعادة إعمار منازلهم. لكن أزمة السكن المُتفاقمة في القطاع، وارتفاع أقساط الإيجار، أرهقت كاهل من فقدوا بيوتهم، وبقوا مُعلقين ما بين مراكز الإيواء، وبيوتهم التي غدت كومة من الركام.

خلال العدوان على غزّة، استهدفت المدفعيّة الإسرائيلية، إلى جانب الطائرات الحربية، آلاف المنازل والأعيان السكنيّة في القطاع، بالإضافة إلى أحياء سكنيّة أُبيدت بالكامل، مثل حي الشجاعية، وقرية خُزاعة، ومناطق تقع في شرق محافظة رفح في جنوب القطاع، وهُجّر أصحاب هذه المنازل إلى مراكز الإيواء التي افتتحتها وكالة الأمم المتحدة «الأونروا» في المدارس التابعة لها، وأقاموا فيها طوال الفترة السابقة.

ومع اقتراب العام الدراسي الجديد، بات على هؤلاء النازحين المُقدّرين بعشرات الآلاف إخلاء المدارس، لكن السؤال الذي يُراودهم: «إلى أين العودة»؟

الحاجة فتحيّة النجّار من إحدى العائلات التي دُمّر منزلها في قرية خُزاعة في شرق محافظة خانيونس، في جنوب القطاع، اضطرّت للإقامة في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» في المدينة، فيما توزّع أبناؤها الستّة عند أقاربهم، وأصدقائهم. لم يعد بإمكانها المكوث أكثر في المدرسة التي انتشرت فيها الأمراض والأوبئة، ويُعاني المُقيمون فيها من أوضاع إنسانيّة صعبة للغاية.

تُشير الحاجة الستينيّة في حديث إلى «السفير»، إلى أنه فور الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزّة، بدأت في رحلة البحث عن شقّة بالإيجار تؤوي عائلتها المكوّنة من سبعة أفراد. وبرغم محاولاتها الحثيثة، لم تعثر سوى على غرفة صغيرة، تضم حماماً ومطبخاً، على سطح إحدى البنايات السكنيّة.

إلا أن النجّار صُدمت من المبلغ الذي طلبه صاحب الغرفة في مُقابل إيجارها شهرياً. وتقول: «صاحب المنزل عرض إيجارها في مُقابل مبلغ 700 شيكل (200 دولار أميركي تقريباً) وهو مبلغ كبير جداً، ورفضت العرض، واعتبرته استغلالاً لحاجة الناس، وظروفهم الصعبة هذه الأيّام».


مع محاولات الحاجة فتحيّة العثور على شقّة أفضل، وبسعر أقل، كانت الأزمة المتفاقمة في الشقق السكنيّة تُقربها أكثر للقبول بعرض الغرفة الصغيرة. فبرغم ارتفاع سعرها ارتفاعا خياليا، إلا أنها أفضل الخيارات الموجودة حالياً في غزّة.

تقول الحاجة التي أُنهكت من البحث المستمر، وارتفاع أسعار الشقق: «اضطررت لاستئجار الغرفة، والانتقال إليها أنا وعائلتي، فلم نجد أفضل منها، أو أقل سعراً.. جميع الشقق مستأجرة، وبأسعار خيالية، علينا الإقامة هنا حتى يتم إعادة بناء منزلنا». لافتة إلى أن المبلغ الذي دفعته في غرفة تصفها «بسيطة جداً» كان بإمكانها استئجار شقة متوسطة به في أرقى الأحياء السكنيّة في غزّة قبل الحرب.

وتتراوح أسعار إيجار الشقق المناسبة في قطاع غزّة في الأوقات الاعتيادية ما بين 200- 300 دولار أميركي في الشهر، وقلّما تجد أحداً يستأجر غرفة على سطح منزل، فهي حالة نادرة جداً، لكن مع الأزمة الحالية في السكن، فإن أصحاب الشقق، ومكاتب العقارات، ضاعفوا الأسعار مضاعفة خيالية، مُستغلين حاجة المواطنين ومعاناتهم، ووصل إيجار بعض الشقق إلى 500 دولار في الشهر، وأحياناً أكثر بقليل.

وقبل الحرب على غزّة، كانت أزمة السكن تعصف بالقطاع، لا سيما مع عدم سماح الاحتلال الإسرائيلي بدخول مواد البناء اللازمة للإعمار، ومع الحرب، وتدمير آلاف المنازل، تفاقمت هذه الأزمة كثيراً جداً، وألقت بظلالها على كل السكّان، لا سيما الذين فقدوا منازلهم، ولم يجدوا بديلاً مناسباً منها، وإنْ وجدوا، فهي بأسعار خيالية، لا يقوى عليها سكّان غزّة الذين يُعانون من الفقر والبطالة.

لعلّ حال المواطن أيمن المبيض، من حي الشجاعيّة شرق غزّة، أفضل بكثير عن الحاجة النجّار، إذ استأجر شقة كاملة مع أخيه الذي نزح معه من الحي المُدمّر، مُقابل مبلغ 450 دولاراً أميركياً، واقتسموه في ما بينهم.

ويقول المبيض في حديث إلى «السفير» إن «أسعار الشقق غالية جداً، ولا يُمكن للفرد منّا استئجار شقة كاملة مُقابل مبلغ كبير كهذا، فقررت أنا وأخي اقتسام المبلغ، والإقامة هنا حتى تستقر الأمور، ونُعيد بناء منزلنا الذي قُصف».

أما محمد عصفور، وهو موظف في حكومة غزّة السابقة، فيتساءل كيف سيستطيع دفع مبلغ كبير لاستئجار شقّة يُقيم فيها هو وعائلته المكوّنة من أربعة أفراد، ويصرف على العائلة في الوقت نفسه، بعدما قُصفت العمارة السكنيّة التي كان يعيش فيها مع إخوته ووالديه.

عصفور كغيره من آلاف الموظفين التابعين للحكومة السابقة لم يتلق راتبه منذ شهور عديدة، بسبب الأزمة الماليّة التي كانت تُعاني منها حكومة حماس السابقة، ويعيش حالياً مع أسرته في إحدى المدارس التي تؤوي النازحين في غزّة.

ويقول مُتحدثاً إلى «السفير»: «لا نعلم أين سنذهب حينما تفتح المدارس أبوابها، أُجبرنا على الإقامة هنا برغم الأمراض التي انتشرت في المدرسة، والخوف المستمر على أطفالي من المرض، لكن أين سنذهب؟».

ويعيش النازحون في مدارس «الأونروا» في غزّة في ظروف إنسانية وبيئية مُتردية جداً، ويتهمون وكالة الغوث بالتقصير في تقديم الخدمات الإنسانية، والأدوية اللازمة لهم.

وبحسب تقديرات أوليّة، فقد أدى العدوان الإسرائيلي على غزّة إلى تدمير قُرابة 60 ألف وحدة سكنيّة ما بين تدمير كلي وجزئي وطفيف، وهو الأمر الذي فاقم أزمة السكن في القطاع.

وكان «مركز الميزان لحقوق الإنسان»، قد أكّد في تقرير سابق له، أن الكثافة السكانية في قطاع غزة بلغت 4,661 فرداً/كم2، كما بلغ متوسط كثافة السكن 1,6 فرد للغرفة، بينما يعيش ما نسبته 9,6 في المئة من سكان القطاع في مساكن ذات كثافة مرتفعة بواقع ثلاثة أفراد في الغرفة الواحدة.

ولفت التقرير إلى الأسباب التي تزيد من أزمة السكن، وهي الاعتداءات المتكررة من الاحتلال، وما ينتج منها من تدمير للمنازل والبنية التحتية، بالإضافة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية، وغياب المصادر التمويلية الكافية، بالإضافة إلى التأخير في المشاريع التي تنفذها المؤسسات الدولية، نظراً لأنها تتطلب الحصول على الموافقة الإسرائيلية، وأخيراً ندرة وقلة الأراضي في القطاع، وارتفاع أسعارها.

المصدر: جهاد أبو مصطفى - السفير



السابق

حياة شبه طبيعية في قطاع غزة في اليوم الأول لوقف النار

التالي

المخيمات تحتفل بوقف العدوان على غزة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

محمود كلّم

42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!

من الصعب على الذاكرة بعد مرور 42 عاماً على المجزرة، استرجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون