كادت الإشاعات التي تنتشر في صيدا أن تورّط المنطقة بتداعيات ما يجري في عرسال، غير أن عاصمة الجنوب خطت أول خطوة عمليّة على صعيد تحصين الوضع الأمني فيها. هذا الأمر انسحب على مخيّم عين الحلوة، حيث أنجزت، أمس، خطوات أمنية تنسيقية غير مسبوقة مع الجيش اللبناني.

وفي التفاصيل، اجتاحت عاصمة الجنوب عدّة شائعات. منها ما تحدّث عن تحرك لمجموعات من «داعش» من عين الحلوة باتجاه صيدا لضرب الجيش، وأخرى عن اعتصام لمجموعات سلفية متطرفة في صيدا بعد صلاة ظهر أمس. بالإضافة إلى إمكانية تداعي أنصار الشيخ المتواري أحمد الأسير لاعتصام بعد صلاة الجمعة أمام «مسجد بلال بن رباح» في عبرا للتضامن مع المسلحين في عرسال بعنوان «يوم الكرامة».

كما انتشرت أخبار تفيد بأن «الجماعة الإسلاميّة» في صيدا بصدد تنظيم مسيرة تضامنية مع غزة خلال الساعات الماضية بالتنسيق مع حركة «حماس». وعلم أنّ ممثل «الجماعة» في صيدا بسام حمود اجرى اتصالاً برئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور أبلغه فيه تأجيل المسيرة «بسبب الظروف الأمنية في لبنان» الى موعد يحدد لاحقاً.

وقد برزت تساؤلات عديدة، أهمها عن الموانع التي تحول دون اللقاء بين النائبة بهية الحريري والدكتور أسامة سعد طالما المخاطر الأمنية تحدق بالمدينة وطالما أن الاتصال بين الطرفين غير مقطوع في المناسبات، فقد بادر سعد قبل يومين إلى الاتصال بنائبة صيدا للاطمئنان إلى صحتها بعد تعرّضها لوعكة صحيّة. فضلاً عن مطالبة مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان بالمبادرة إلى الدعوة لعقد لقاء موسع في المدينة.

ميدانياً، كان لافتاً، أمس قيام قوة كبيرة من قوى الأمن الداخلي بمداهمة تجمعات النازحين السوريين في صيدا، لا سيما «مركز الامام الاوزاعي» عند مدخل صيدا الشمالي و«مركز حي البراد» بالتنسيق الأمني مع الجيش، وذلك بحثاً عن أسلحة. وعملت العناصر الأمنية على السؤال عن كل نازح سوري غير موجود في المراكز التي خضعت للتفتيش.

أما في عين الحلوة، فأن أبرز ما حملته الساعات الماضية هو الإعلان عن تشكيل «لجنة ارتباط فلسطينية مشتركة» بين الجيش اللبناني ومخابراته في الجنوب وقيادة «الأطر» السياسية الفلسطينية في المخيم، «مهمّتها هي الإبقاء على التنسيق المتواصل بين المخيّم والجيش لرصد أي تحرّك لتوريط المخيم ومواجهته»، على حد تعبير مصادر فلسطينية مطلعة.

وتألفت «اللجنة» من: قائد قوات الأمن الفلسطينية اللواء صبحي أبو عرب وقائد القوة الأمنية المشتركة في المخيم العميد خالد الشايب وكل من: ماهر عويد وأبو احمد فضل وعدنان أبو النايف وممثّل عن «عصبة الأنصار».

وبهدف إعطاء صفة الشرعية على تحرك «اللجنة»، قدمت أسماء الأعضاء إلى وزارة الدفاع والى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وتمّت تسمية قائد القوة الأمنيّة في المخيّم العميد خالد الشايب ليتولّى أعمال التنسيق الأمني اليومي مع مخابرات الجيش.

وكشفت المصادر الفلسطينية أن لجنة الارتباط الفلسطينية المشتركة عقدت أمس الأول اجتماعا لها في مكتب العميد علي شحرور في ثكنة الجيش في صيدا.

وأكّد العميد الشايب لـ«السفير»، بعد الاجتماع، «أنّنا ابلغنا الجيش اللبناني بالموقف الذي اتخذته قيادة الفصائل الفلسطينية واللجنة الأمنية العليا واللجان الشعبية وفعاليات عين الحلوة، والذي ينص على منع المساس بأمن الجوار اللبناني وعدم التعرض للجيش اللبناني انطلاقا من عين الحلوة، وبنفس الوقت ممنوع المس بأمن المخيّم من قبل اية مجموعة او فئة او جهة».

وشدّد على «أنّنا لن نسمح بأي خرق أمنيّ مصدره المخيم وسنمنع ذلك بأجسادنا». وأضاف: «حتى لو سقطت الدماء لن يكون هناك اعتداء من المخيم على الجيش اللبناني ولا على الجوار ولن نسمح بتجربة نهر البارد في عين الحلوة مرة ثانية».

ولفت الشايب الانتباه إلى أنّه «من واجبنا حماية المخيّم وتحييده عن التجاذبات اللبنانية. ولن يخرج احد، لا داعش ولا نصرة ولا اي متطرف تحت اي مسمى، ليدخل المخيم في متاهات وتداعيات لا علاقة لنا بها لا من قريب او بعيد، لأن أجندتنا هي فلسطين ونحن ضيوف في لبنان».

واعلن أن «لجنة الارتباط اللبنانية الفلسطينية ستتولى التنسيق اليومي مع الجيش اللبناني»، مشيراً إلى «وجود التفاف شعبي وتأييد كبير حول هذه القرارات من قبل كل القوى والفصائل ومعها اللجان الشعبية وفعاليات المخيم».

المصدر: محمد صالح - السفير