أطفال مخيّمات لبنان يهتفون: فلسطين تحت السكين

منذ 10 سنوات   شارك:

 "الصمت العربي بيخدم مين؟ فلسطين تحت السكين". هكذا هتف فلسطينيو الشتات تعبيراً عن تضامنهم مع أبناء بلدهم، الذين ترتكب بحقهم شتى أنواع الجرائم والمجازر التي أودت بحياة مئات الأطفال والنساء. منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم تتوقف الحملات التضامنية التي غالباً ما تنطلق من قلب المخيمات الفلسطينية، لتجول شوارع بيروت رافعة صور الشهداء ومرددة نشيد النصر دعماً للمقاومة. ولا تنسى المطالبة بحق العودة.

"عالقدس رايحين"

على أحد أرصفة مخيم شاتيلا في العاصمة بيروت، يجلس كمال (13 عاماً)، يحمل علم بلاده التي لا يعرفها، إلا من خلال ذكريات جده المليئة بالصور الجميلة. هكذا يتضامن الفتى مع أطفال غزة الذين يقصفون بالصواريخ الإسرائيلية يومياً. تخرقُ مشاهد الدمار الصور التي يصرُّ على الاعتناء بها في مخيّلته الصغيرة. فشاشات التلفزة داخل المخيم مجنّدة لنقل كل ما يحدث في القطاع على مدار الساعة.

عاش كمال أقسى مشاعر الحزن لدى سماعه خبر قصف مدارس "الأونروا"، في حي الشجاعية. يقول لـ"العربي الجديد": "ماذا لو كنتُ مكان هؤلاء الأطفال والنساء الذين لجأوا إلى المدارس خوفاً من استهدافهم بطائرات جيش العدو الحربية؟ ما هو الذنب الذي اقترفه أطفال فلسطين كي يتربّوا في الملاجئ وتحت الأرض، بدلاً من أن يجلسوا على مقاعد الدراسة، ويمرحوا في الملاعب، ويمارسوا أنشطة ترفيهية لتنمية مواهبهم؟".

"عالقدس رايحين.. شهداء بالملايين.. ما بدنا رز مسوّس، بدنا بارود يقوّص". عبارة كثيراً ما يرددها كمال، وفي قلبه أمل كبير بتحقيق حلم العودة إلى أرض آبائه. ويحكي قصة أحد أصدقائه الذي "عادة ما يجلس طوال الوقت أمام شاشة الحاسوب ليلعب". يقول إنه لم يهتم يوماً للقضية، لأن أهله منشغلون بتأمين قوتهم اليومي، ويؤمنون أن التظاهرات لن تجلب لهم المال. كما أن العودة إلى فلسطين باتت مستحيلة. لذلك، أجبرته على الذهاب معي ساعة يومياً للحفاظ على ثقافتنا وحضارتنا".

سبعون حملة تضامنيّة

في السياق، يقول مسؤول مكتب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو محمود، إن "عدد الحملات التضامنية في مخيم شاتيلا تجاوز السبعين". ويشرح، لـ"العربي الجديد"، أن "جريمة قتل الطفل محمد أبو خضير، أثارت الفصائل التي اجتمعت ووضعت برنامجاً لدعم إخواننا في غزة، فتم تنظيم اعتصامات أمام مبنى الاسكوا، وجامعة الدول العربية، ومبنى الصليب الأحمر من أجل الأسرى، بالتعاون مع باقي المخيمات في بيروت".

وفي ما يتعلق بجمع التبرعات، يؤكد أبو محمود أننا "لا نطلق حملات لجمع الأموال داخل المخيمات بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الفلسطينيون في بلد اللجوء"، لافتاً في الوقت نفسه إلى "أن بعض الجهات الفلسطينية في مخيمات أخرى تنظّم المسيرات لجمع التبرعات من الخارج دعماً لأطفال غزة".

ويلفت أبو محمود إلى أهمية هذه التحركات النضالية، قائلاً إنه "هناك مَن يحاول طمس قضيتنا، ومنعنا من العودة إلى بلدنا، وتشتيت انتباه الطفل الفلسطيني الذي ولد في الشتات عن القضية الأم. لذلك، لا بد من تذكير هذا الطفل بحضارته وتاريخه، وتعريفه على حقوقه المنتهكة والمضطهدة من قبل العدو الصهيوني".

رسالة لأطفال غزة

تعجّ أزقة مخيّم شاتيلا بأصوات الأطفال الذين اتخذوا من بقع مياه الصرف الصحي مكاناً للّعب واللهو. تحاصر منازلهم العشوائية كميات كبيرة من النفايات، وتكاد الأسلاك الكهربائية المعلّقة بين المنازل تحجب أشعة الشمس.

لم تكن نورا (12 عاماً)، تلعب. قررت كتابة رسالة قصيرة لأطفال غزة المحاصرين. لم يمنعها مرضها من التضامن مع أهالي بلدها. فرغم معاناتها من مرض قصور الكلى الذي أرهق جسدها وأتعبها، شاركت في النشاطات الداعمة للغزيّين. تقول لـ"العربي الجديد": "أشارك يومياً في أكثر من ثلاثة نشاطات ودورات تعليمية في المعاهد، بهدف نشر الصورة الحقيقية لما يحدث من مجازر ترتكب من دون محاسبة جدية". تُضيف: "خلال إحدى التظاهرات، اخترقت حواجز الأمن وتوجهت إلى ادارة إحدى المحطات التلفزيونية لعرض صور طبعتها عبر الانترنت تظهر الجرائم التي أودت بحياة آلاف الأطفال".

ترى نور أنه "من خلال الإيمان بحق العودة، نستطيع تحقيق الانتصارات وتحرير شعبنا من ظلم وطغيان عدو غاصب لا يعرف معنى الرحمة". غالباً ما تهتف: "فلسطيني مساح الدمعة. قولوا الله وعلّوا الصوت. فلسطيني ما يهاب الموت". وتضيف: "نحن أطفال فلسطين في الشتات نطالب الرؤساء العرب بالوقوف إلى جانب أهلنا الصامدين الصابرين في غزة. أطالبهم بفتح المعابر فوراً، وتقديم المساعدات العاجلة إلى الأطفال، وخصوصاً الحليب والدواء".

في المقابل، يكتفي أبو محمد، الأربعيني، بمساعدة القيّمين على الحملات التضامنية بالأمور اللوجستية والإدارية، بعدما استسلم إلى "فشل العالم العربي في دعم القضايا المصيرية". منذ نزوحه من مخيم اليرموك في سورية بعد اشتداد القصف، لم تعد تعنيه الأمور السياسية أو الوطنية. يقول: "عشت الجوع والفقر. مت مئة مرة. حتى أنني حفرت قبراً لأولادي لأدفنهم في حال استشهدوا بقذائف الطيران الحربي أو رصاص القنص. لم يساعدنا أحد، بل تاجروا بقضايانا الإنسانية وملأوا جيوبهم بأموال المساعدات والمواد الغذائية".

يضيف أبو محمد أن "أولوياته تتمثّل في تأمين الطعام لأطفاله". يؤكد، لـ"العربي الجديد"، أنه "لم ينس القضية أو يبيعها. هاجر أهلي وأجدادي إلى سورية في حرب 48. ومنذ تاريخ الهجرة حتى اليوم، نأمل بالعودة إلى ارضنا وسنابلنا. لكن ما الفائدة من الانتظار أكثر في ظل غياب التضامن العربي مع القضية؟".

يُعاتِب العجوز أبو العوض، الذي يرتدي كوفية بيضاء، أبو محمد. يقول: "صار عمري 87 عاماً، وما زلت أحلم بالعودة إلى بيتي وبستاني في طبريا التي احتلها العدو وبنى عليها مستوطناته. لم أنس الخضيرة وحيفا والناصرة وعارا وغيرها". يضيف ضاحكاً: "عمري الطويل هو بسبب زيت زيتون فلسطين والسمن العربي والخير العربي".
حب أبو العوض لبلده يبرزه بوشم كبير هو عبارة عن رسم لمفتاح العودة، الحلم الذي "سيتحقق بإرادة الشعب ومقاومته"، بحسب تعبيره.

المصدر: العربي الجديد ــ شيرين قباني

 



السابق

فلسطينو سوريا الحلقة الأضعف صحياً

التالي

شهداء بغارات إسرائيلية على غزة قبيل تهدئة مفترضة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

محمود كلّم

42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!

من الصعب على الذاكرة بعد مرور 42 عاماً على المجزرة، استرجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون