هدم المخيمات الفلسطينية بين الملكية الخاصة وإشراف الأونروا
مخيم الضبية .. بين الهدم والصمود
محمد أبو ليلى، شبكة العودة الإخبارية: يُعدّ مخيم الضبية للاجئين الفلسطينيين من أصغر المخيمات في لبنان مساحة وعدداً، حيث تبلغ مساحته نحو 0.8 كلم مربع، ويسكنه نحو أربعة آلاف لاجئ فلسطيني لجأوا من منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة عام 1948مـ، موزعين على 525 منزلاً متواضعاً.
وبسبب موقعه الاستراتيجي بالقرب من العاصمة اللبنانية بيروت، فقد عانى المخيم من الكثير من أعمال العنف وتعرض للكثير من الدمار خلال الحرب الأهلية اللبنانية. ففي عام 1990 لوحده، تعرضت ربع المساكن فيه للدمار أو للتلف الشديد، فيما تم تهجير ما يزيد عن 100 عائلة من العائلات التي تقطن فيه، وأغلبها من اللاجئين الفلسطينيين المسيحيين.
وقد قيل أن لكل مخيم حكايته ومعاناته وآلامه التي سيكتبها التاريخ يوماً، مخيم الضبية له حكاية خاصة. فقد أنشئ المخيم على أرض وقف للكنيسة المارونية "كنيسة دير مار يوسف"، واستأجرت الأونروا العقار عام 1955- 1956 إلا أنه لا يسمح للاجئ الفلسطيني إجراء أية تعديلات على منزله إلا بإذن البلدية والدير التي توقّفت تلقائياً منتصف العام الماضي بسبب الخلاف بين الأونروا والدير الماروني على قيمة إيجار المخيم، وهذا ما دفع الدير لرفع دعوى قضائية فمُنِعت الأونروا من تنفيذ أي مشروع تطويري للمخيم من صيانة أو ترميم أو بناء، وأصبحت المنازل تعاني من النشّ وتسرّب المياه خلال فصل الشتاء.
ونتيجة للوضع المأساوي الذي حلّ بأهالي المخيم أخذ البعض منهم (49 عائلة) بترميم بسيط للمنازل ووضعوا سقوفاً من الزينكو أو من خلال استحداث خيم حديدية من الزينكو فوق أسطح المنازل، دفعت البلدية فيما بعد لاتخاذ اجراءات قاسية بحقهم.
الشرطة تفاجئ اللاجئ بقرار الهدم
في سابقة هي الأولى من نوعها، استيقظ أهالي المخيم صبيحة يوم 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 على قرار قوى الأمن الداخلي التي تشرف على مخيم الضبية بقرار من وزير الدخلية مروان شربل بهدم أجزاء من المخيم بحجة أن الأبنية غير مرخصة وقيام أصحابها بترميمها دون ترخيص مسبق، مع العلم أن بلدية الضبية لم تمنحهم ولكن في نقس الوقت لم تمنعهم من عملية ترميم المنازل الآيلة للسقوط.
رفض المجتمع الفلسطيني بالعموم وأهالي المخيم بالخصوص خطوات البلدية بتدمير أي حجر من أي مبنى سكني في المخيم وهذا ما دفعهم للوقوف بوجه الجرافات من أجل منعها من التقدم، وكان للفصائل الفلسطينية (تحديداً حماس وفتح) دور واضح، حيث أجرت اتصالات مع الأحزاب اللبنانية المختلفة ووزارة الداخلية والبلديات محذرةً من أن هذه الخطوة لها انعكاسات على الصعيد السياسي والاجتماعي، والآثار التي يمكن أن تتركها على العلاقات اللبنانية- الفلسطينية.
ومتابعة لما وصل إليه الوضع اليوم، اتصلت "شبكة العودة الإخبارية" برئيس منطقة لبنان الوسطى في الأونروا محمد خالد، فقال إنهم بعد عام من المساعي الحثيثة حصلوا على قرار يسمح لأهالي مخيم الضبية بترميم المنازل وإجراء صيانة للمياه، سمحت الدولة اللبنانية ممثلة بوزراة الداخلية والقوى الأمنية والقائمقام وبلدية الضبية لأهالي المخيم باجراء الصيانة اللازمة وخاصة صيانة المياه بشرط تشكيل مرجعية خدماتية للمخيم، موضحاً أن الخلاف ما زال يدور في دائرة اللجنة التي ستمثل المخيم وتكون بدورها المرجع الرئيس لأي جهة رسمية لدى الدولة اللبنانية ووكالة الأونروا.
لا شك أن مساعي الأهالي والفصائل الفلسطينية المختلفة نجحت بوقف الهدم، ولكن أسئلة كثيرة تثير القلق حول مصير المخيم في حال استمرت دعوى الكنيسة؟ وعن مصير أهالي المخيم إن بقيت الخلافات بين الأونروا والكنيسة؟ وهل فكرة الهدم والاستيلاء على أرض المخيم ممكن أن تحدث في أكثر من مخيم؟ ولماذا إلى الآن لم يستطع أهالي المخيم تشكيل مرجعية خدماتية أو شعبية تقدم ما ينقصه من خدمات طالما أن الدولة اللبنانية وافقت على ذلك؟
اسئلة بحاجة إلى إجابات سريعة خاصة أن الحالة قد تكررت في أكثر من مخيم، وهذا يدل على أن وضع اللاجئ الفلسطيني في لبنان على المحك، وأن هناك من يحاول إثارة قضايا مضى عليها الزمن بنية مبيّتة من أجل تصفية القضية وانهاء الوجود الفلسطيني في المخيمات.
في المقابل يتوجّب على المعنيين من المخيم العمل على ضرورة تشكيل مرجعية تستطيع من خلالها مواجهة المخاطر المحدقة بالمخيمات الفلسطينية من جهة، وإفشال أي مخطط يؤدي إلى ضرب وإنهاء الوجود الفلسطيني في مخيم الضبية.
الأيام القادمة مصيرية، فمخيم الضبية ليس البداية ومن الواضح أنه لن يكون النهاية، وهذا ما يتطلب من الجميع الهدوء الحذر لتجاوز المخاطر إلى حين العودة إلى فلسطين.
أضف تعليق
قواعد المشاركة