هبّة الشباب العربي في أراضي الـ48
حسن مواسي - المستقبل: لا تزال تداعيات التظاهرات والمواجهات الغاضبة التي تجتاح أراضي الـ48 المحتلة، وخصوصاً التجمعات العربية على جريمة خطف وقتل الطفل المقدسي محمد أبو خضير ورد الفعل الإسرائيلي العنيف، تتفاعل في الأوساط الإسرائيلية والعربية على حد سواء.
ففي مشهد يذكّر بانتفاضة الأقصى عام 2000، جاءت انتفاضة فلسطينيي الـ48 من الشمال إلى الجنوب، وخرجوا عن صمتهم تجاه انتهاكات الاحتلال وجرائمه بحق الأرض الفلسطينية عامة، ليفصحوا للاحتلال عن هويتهم الأصلية ويؤكدون بـ»أن الدم عمره ما يكون مية«.
هذه «الانتفاضة» التي يقوم بها شباب فلسطينيي الـ48، تؤكد للملأ أن كل محاولات ومخططات الاسرالة التي تسعى "إسرائيل" لتمريرها وتنفيذها بحق فلسطينيي الـ48، ومحاولة سلخهم عن هويتهم وثقافتهم ودمجهم فكريًا وصهرهم بداخل بوتقة المجتمع الإسرائيلي، لن تنجح.
فالتظاهرات التي وصلت ليلة الأحد/الاثنين ذروتها، هي بمثابة الرد الحقيقي على المساعي الإسرائيلية لشطب الهوية العربية للفلسطينيين في الـ48، وتعريف "إسرائيل" بهويتهم الأصلية والحقيقة التي حاولت نزعها من عقولهم.
والملاحظ لتطور الإحداث، يرى ما كان منتظراً ومتوقعاً في إي لحظة، انفجاره، ويؤكد حقيقة أن فلسطينيي الـ48 لن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال الجرائم الإسرائيلية بحقهم وبحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتجاه مخططاتها العنصرية والمتبعة منذ عشرات السنين، وهبة الشباب الفلسطيني إنما هي تأكيد على أنهم يدفعون ثمن مواجهة الاحتلال، كباقي أبناء شعبهم الفلسطيني.
وتمتاز هبة الشباب الفلسطيني في وجه سياسات إسرائيل، أنها تأتي من منطلق المسؤولية التي يؤمن بها الشباب الفلسطيني لضرورة وضع حد لكل الاعتداءات والانتهاكات التي يقوم بها المستوطنون في الأراضي المحتلة عام 67، ورداً على محاولات الدولة تدجينهم واسرالتهم، وقيام ما يعرف بجماعة «دفع الثمن» بالاعتداء على المقدسات والمساجد ودور العبادة في المدن والقرى العربية، وهي تعبير عن سخط الفلسطينيين على سياسات الحكومة.
والهبة من اتجاهين، الأول هو السخط من موقف حكومة "إسرائيل" من القضية الفلسطينية وعرقلتها لكل جهود حلها، وبالتحديد رفضها لإقامة دولة فلسطينية حرة. والاتجاه الثاني هو أن هذه الهبة تعبير عن حالة غضب عارم حيال سياسات "إسرائيل" الداخلية تجاه فلسطينيي الـ48 في كل القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وارتفاع وتيرة التمييز العنصري.
ويشار إلى أن وضع فلسطينيي الـ48 المعدوم من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل كبير، وعدم إحقاق "إسرائيل" لحقوقهم الوطنية والتعامل معهم كأقلية عددية، وليست قومية ومن منطلق طائفي، إضافة إلى انعدام المناطق الصناعية، ومشاريع التطور السطحية، وترهل البنى التحتية، كلها مجتمعة أدت إلى هذه الهبة.
بالإضافة إلى أن "إسرائيل" تحاول نزع شرعيتهم، وإخراجهم خارج الدائرة بشكل كامل عبر مخططات التهويد والتهجير التي تنفذها منذ عشرات السنوات، وهي لا تعترف بهم كمواطنين أبدًا.
أضف تعليق
قواعد المشاركة