سورية: مخيم اليرموك بانتظار إنهاء الحصار
"أنباء موسكو" حضرت إلى بوابة انتظار أهالي مخيم اليرموك، عند الساحة المعروفة بساحة "البطيخة"، وهي مدخل المخيم، أشعة الشمس العامودية تكاد تحرق رؤوس المنتظرين لولا القليل من الفيء الذي عثروا عليه قرب الجدران أو تحت الأشجار القليلة في المكان، زادهم زجاجات ماء يملؤونها من المسجد المجاور كلما عطشوا وقليلا من الطعام بما يسد الرمق، وجوه الأطفال المرافقين لآبائهم تحكي ملامح الصيف فيها قصةَ انتظار عمره أكثر من عام ونصف، أرهقهم الفقر والتشرد، فازداد صمودهم عند الإعلان عن الاتفاق الذي سيحل أزمة المخيم أخيراً، لا حول ولا قوة لهم إلا الأمل والتفاؤل، يناشدون الدولة السورية أن تضع ثقلها وتسير بهم نحو الأمان ونحو بيوتهم التي لا يعرفون شيئاً عن مصيرها الحتمي نتيجة الحرب التي لم تترك لهم المجال للبقاء في منازلهم التي تركوا فيها كل أحلامهم وذكرياتهم وقليلا من الأمل بالعودة، هم يعتبرون أن المخيم هو محطتهم الوحيدة قبل العودة إلى وطنهم الأصلي فلسطين، ورغم هذا يعتبرون ويؤمنون بأن سورية بلدهم الثاني ويتمنون لها الخلاص من الحرب ونهاية الأزمة، هذا باختصار حال من التقتهم "أنباء موسكو" أمام مخيم اليرموك كما شرحوا بعفويتهم وتمنياتهم العودة إلى المخيم.
مخيم اليرموك واتفاق التحييد..
عقدت اللجان المسؤولة عن المصالحة اتفاقية في مخيم اليرموك تم التوقيع عليها ضمن 11 بنداً توافقت عليها الأطراف المسؤولة عن حل أزمة المخيم وهم الفصائل المسلحة داخل المخيم واللجنة المسؤولة عن المصالحة، والرعاية والإشراف هذه المرة كما علمت "أنباء موسكو" كانت من قبل الدولة السورية، ليكون احتمال إنجاحها هذه المرة أقوى بكثير بعد عشرات المرات التي فشلت فيها المصالحات. والبنود تتشكل كما ورد في الاتفاق:
- وضع نقاط تمركز حول حدود المخيم الإدارية لضمان عدم دخول أي مسلح من خارجه.
- تشكيل لجنة عسكرية مشتركة متفق عليها.
- تشكيل قوة أمنية لحفظ الأمن داخل المخيم.
- منع دخول أي شخص متهم بالقتل حاليا لحين إتمام المصالحة الأهلية.
- أي شخص يريد العودة إلى المخيم وكان مسلحا يدخل بشكل مدني.
- ضمان عدم وجود سلاح ثقيل داخل المخيم نهائيا.
- ضمان عدم تعرض المخيم لأي عمل عسكري.
- فتح المداخل الرئيسية شارع اليرموك وشارع فلسطين وتجهيز البنى التحتية.
- التعهد بمنع أي مسلح من جوار المخيم من كافة المناطق الدخول إلى المخيم نهائيا.
- تسوية أوضاع المعتقلين ووقف إطلاق النار فورا.
لتكون النقطة الأخيرة وهي الأهم بينها حيث الضامن الوحيد عند الأطراف كافة هو الدولة السورية.
حال أهالي مخيم اليرموك عند إعلان التوقيع..
لمجرد أن أُعلن التوقيع على اتفاقية التحييد سرعان ما نزل أهالي مخيم اليرموك المتبقون داخله وأقاموا احتفالات لم يشهدها المخيم منذ بداية الأزمة حيث انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض الفرح الذي عبّر عنه الأهالي بقرب الخلاص، وناشدوا جميع الأطراف باستكمال الخطوات وفتح المخيم وإنهاء الحصار، كما سارعوا في اليوم التالي إلى تنظيف الشوارع بما استطاعوا عليه، منتظرين الآليات التي ستدخل من قبل البلدية وتزيل الردم والسواتر الترابية التي أقامها المسلحون داخل المخيم.
هذا وتواصلت "أنباء موسكو" مع عدد من الناشطين في المخيم وأهاليه في داخله، لتعلم أن أملهم هذه المرة أكبر بكثير وثقتهم بتحقيق النجاح لهذه الاتفاقية أكبر بكثير من المرات السابقة التي سرعان ما كانت تفشل في اليوم التالي، ومن ضمن الأشياء التي استفسر عنها الأهالي وسط سؤال وجهوه على العلن عبر صفحات التواصل الاجتماعي وأخبروه لـ"أنباء موسكو"، ما هو مصير الناشطين الإنسانيين الذي بات مجهولا ولم يُذكر بأي من بنود الاتفاق، حيث كان لهم الفضل كما عبّر عدد من الاهالي في إعانة السكان المدنيين أثناء اشتداد الحصار، ولم يكن بالإمكان الجواب - كما عبر الناشطون - عن هذا السؤال وينتظرون أن يتبينوا مصيرهم، حيث أضافوا: "علما أن الذين حملوا السلاح ولم يتورطوا بجرائم القتل سوف تسوى أوضاعهم فيما بعد حسب الاتفاق، بينما نحن لم نحمل السلاح"، وكان عملهم في الداخل إعانياً وإنسانيا بحتا كما قال أحد الناشطين ليبقى سؤالهم "هل سيتنقلون خارج المخيم بعد فتح الطريق دون أي مساءلة من أحد".
محاولات بلبلة وإشاعات..
يقول أحد الأشخاص: "لا بد من وجود المخربين، وليس بالضرورة أن يحملوا السلاح، لكن يكفي أن يبثوا الإشاعات المغرضة"، حيث تسير الاتفاقية ببطء وعناية شديدتين، تواصلت "أنباء موسكو" مع مصادر من كلا طرفي الاتفاق، عند انتشار خبر عن فشل الاتفاقية، ليتبين أن ما هي إلا إشاعات، ومن مصلحة جهات معينة غير معروفة تخريب الفرحة على الناس وإحباطهم وإبقاء المخيم وسط أزمته.
ما بين المنتظرين داخل وخارج المخيم وداخل وخارج سورية، يبقى الأمل في تعبيراتهم واضحا وأبرز الجمل التي ذكرها كثيرون: "نريد أن ندخل ونعيد إعمار المخيم بأيدينا"، فما لهم إلا العودة إلى منازلهم، خاصة وأن كثيرين منهم جهز حاجياته وأنهى عقود الإيجار، حيث كان يقيم بانتظار العودة إلى بيته، كما أن هناك الكثيرون لم يعد بمقدورهم دفع إيجارات لأصحاب المنازل التي لجأوا إليها، ليبقى الانتظار إلى أن يتم فتح الطريق لإعلان نهاية المعاناة التي لم تنتهِ حتى الآن في المخيم رغم دخول المساعدات التي لا تكفي أصحابها وما هي إلا القليل حسب تعبير من يتلقى هذه المساعدات .


أضف تعليق
قواعد المشاركة