ذكرى يوم الأسير الفلسطيني
الأسرى الفلسطينيون في ظل طوفان الأقصى
شبكة العودة الإخبارية – أحمد موسى
لا يزال ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني من أكثر القضايا حساسية، وقد شكّل على مدى العقود محوراً ثابتاً وأساسياً في مراحل الصراع مع الاحتلال الصهيوني. وتُحيى في السابع عشر من نيسان/أبريل من كل عام ذكرى "يوم الأسير الفلسطيني" لتسليط الضوء على معاناة الأسرى والانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها داخل السجون، في تحدٍّ صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.
هذا الملف المعقد يتطلب حلولاً عادلة وشاملة ضمن أي تسوية مستقبلية. وقد كان تحرير الأسرى من أبرز أهداف معركة "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، في محاولة لإنهاء الواقع الأليم الذي يرزح تحته آلاف الأسرى منذ عقود، وسط سياسات ممنهجة من التعسف والانتهاك.
ظروف الاعتقال والانتهاكات
يعاني الأسرى الفلسطينيون من ظروف اعتقال قاسية وغير إنسانية، تشمل انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، وسوء التغذية والرعاية الصحية، والاكتظاظ في الزنازين، والحرمان من الزيارات العائلية.
كما تُمارَس بحقهم إجراءات تعسفية مثل العزل الانفرادي لفترات طويلة، والإهمال الطبي المتعمد، وخصوصاً بحق المصابين بأمراض مزمنة أو جروح خطيرة.
توصف بعض السجون بأنها "قبور للأحياء"، نتيجة ضيق الزنازين وسوء التهوية ونقص الإضاءة. ويُجبر الأسرى أحياناً على التعرية الجسدية أثناء التفتيش، في ممارسات مهينة تمس كرامتهم، مما يزيد من معاناتهم النفسية والاجتماعية.
إحصائيات وأرقام
مع تصاعد العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية أكثر من 9900 أسير حتى عام 2025، وفقاً لمؤسسات رعاية الأسرى. ولا يشمل هذا الرقم آلاف المعتقلين من قطاع غزة الذين يُحتجزون في ظروف قهرية دون محاكمة.
كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 3500، وهم محتجزون دون تهم أو محاكمات، في خرق واضح للقانون الدولي. ويقبع نحو 400 طفل فلسطيني في السجون، بالإضافة إلى 27 أسيرة من مختلف أنحاء فلسطين.
وقد وثقت تقارير حقوقية تدهور أوضاع الأسرى، خصوصاً بعد 7 أكتوبر، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة، والحرمان من أبسط الحقوق، الأمر الذي أدى إلى استشهاد عدد من الأسرى. وفي المقابل، جرى الإفراج عن بعضهم في إطار صفقات تبادل خلال فترات الهدنة التي أبرمتها المقاومة، ورافقتها شهادات صادمة من المفرج عنهم حول ما تعرضوا له من انتهاكات.
تحديات قانونية وإنسانية
يواجه الأسرى الفلسطينيون محاكمات جائرة في محاكم تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير العدالة، وتُصدر بحقهم أحكاماً قاسية. أما على الصعيد الإنساني، فتتضاعف المعاناة لتشمل عائلاتهم التي تواجه آثاراً نفسية واقتصادية واجتماعية عميقة، نتيجة غياب الأب أو الأم أو الابن، وغياب الدعم المادي والمعنوي.
وتستمر الجهود الحقوقية والإعلامية لتسليط الضوء على معاناة الأسرى، وتنظيم الحملات للمطالبة بالإفراج عنهم وتحسين ظروف اعتقالهم. لكن هذه الجهود تبقى بحاجة إلى دعم رسمي ودولي واسع لإنهاء هذه المأساة المستمرة منذ أكثر من 76 عاماً.
الخلاصة
خلصت المقاومة الفلسطينية إلى قناعة راسخة بأن تحرير الأسرى لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال فرض معادلة كسر عنجهية الاحتلال، وإجباره على القبول بصفقة تبادل وفق شروط المقاومة. وقد دفعت المقاومة أثماناً باهظة من دماء شهدائها في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل، خصوصاً فيما يتعلق بتحرير أصحاب الأحكام العالية.
إن التزام المقاومة الأخلاقي تجاه الأسرى يُحتّم استمرار الضغط على الاحتلال لفضح ممارساته، والمطالبة بتطبيق القوانين الدولية واتفاقيات جنيف، لأن القوة وحدها قادرة على فرض شروطها، وتمكين الفلسطينيين من تحرير أسراهم، وإنهاء هذه المعاناة الإنسانية الطويلة.
أضف تعليق
قواعد المشاركة