فرقة العاشقين" الفلسطينية.. القصة الكاملة 2/4
شبكة العودة الإخبارية -ظاهر صالح
الانطلاقة الأولى للفرقة
كانت الانطلاقة الأولى لفرقة "أغاني العاشقين" من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية عام 1977، وكانت نواة الفكرة مع تقديم مسرحية (المؤسسة الوطنية للجنون)، التي ألَّفها الشاعر الفلسطيني سميح القاسم وأخرجها المخرج السوري فواز الساجر، حيث رأى القائمون على العمل أن يقوموا بإعداد بعض الأغاني لترافق المسرحية، فتمّ تكليف الشاعر أحمد دحبور بكتابة الكلمات، والفنان حسين نازك بتلحينها، فكانت أغنية (اللوز الأخضر) هي النواة الأولى لفرقة "أغاني العاشقين"، وأن الملحن حسين نازك هو من أطلق على الفرقة اسم "أغاني العاشقين" وكان له الفضل بتجميع أعضاء الفرقة.
بدأت الفرقة مع الأغاني التصويرية، سطع نجم فرقة "أغاني العاشقين" سريعاً، وتبدّل اسمها إلى "فرقة العاشقين" كونها ضمَّت العديد من الفنون الأخرى غير الغناء، كما كانت الانطلاقة الكبيرة للفرقة من خلال تسجيل أغاني المسلسلات التي أنتجتها دائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية أواخر السبعينيات، حيث قدمت "فرقة العاشقين" أغاني مسلسل "بأم عيني" الذي يتحدث عن قصص واقعية حدثت للأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية مع ما رافقه من تعذيب وإهانات، عام 1981.
كذلك أغاني مسلسل (عز الدين القسام)، عن قصة ثورة الشيخ السوري المجاهد الشهيد ابن مدينة جبلة السورية عز الدين القسام في فلسطين المحتلة ضد الاحتلال البريطاني الصهيوني، عام 1981. وقد كتب كلمات الأغاني الشاعر صلاح الدين الحسيني ولحنها حسين نازك، الذي بدوره طوّر اسهاماته الموسيقية حتى بلغت ذروتها مع الفرقة من الأغاني إلى العرض المركّب من غناء ورقص تعبيري.
وهنا برز حسين المنذر (أبو علي)، الصوت الجبلي القوي الذي يجمع القوة إلى القدرة على التعبير، ومن الطريف أن هذا الذي أصبح مغني فلسطين الأول، كان ذا لهجة شامية متميزة كأنه ابن أحياء الشاغور أو الميدان، بحيث كانت بعض الأوساط تدعوه بالفنان الشامي، وهو اللبناني البعلبكي، ابن المقاومة الفلسطينية، فهو مشروع عربي فلسطيني شامي لبناني بامتياز، وقد أصبح الأيقونة التي اهتدى اليها حسين نازك ليتكرس رمزاً للمشروع الفني القادم، وكان يطلق عليه "ملك الأغنية الوطنية"، الذي تشرَّبَ في أحاسيسه ووجدانه، روح الانتماء لفلسطين، في المرحلة التي سبقت والتي تلت معركة وحصار بيروت المفخرة. فكان أحد المؤسسين لفرقة العاشقين عام 1978، بإشراف دائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية، وبشخص رئيسها في تلك الفترة الراحل عبد الله الحوراني.
إذاً، الفنان حسين منذر (أبو علي) أحد المؤسسين الرئيسين "لفرقة العاشقين"، وقد غنى لفلسطين ما يزيد عن 300 أغنية، ومن أشهر أغانيه من سجن عكا طلعت جنازة، واشهد يا عالم علينا وع بيروت، وهبت النار..
فحين أتى حسين منذر (أبو علي)، إلى سورية وجدت خبراته متسعاً للتعبير عنها في المسرح العربي السوري، حيث كان يضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من المسرحيات في سورية متعاوناً في ذلك مع فنيي المسرح وفنانيه هناك، ولعل أول مبادرة له تجاه عمل فني فلسطيني كانت يوم وضع قطعة موسيقية مركّبة بعنوان "الحمة"، البحيرة سورية وقعت تحت الاحتلال الصهيوني، وشهدت ضفافها معارك والتحامات مع العدو الصهيوني، ومن هذه المعارك موقعة مجيدة إثر اشتباك مجموعة فدائية مع العدو الصهيوني، بدعم من الجيش السوري، إلاّ أن التعاطف العربي العارم مع التجربة الفلسطينية الوليدة، كرّسها لحظة نوعية في سجل المقاومة الفلسطينية (تشبه تجربة معركة الكرامة).
أما على المستوى الفني فقد كان استقبال هذا العمل شعبياً ذا طبيعة معنوية، لأن الثقافة الموسيقية كانت، ولا تزال عند العرب أقلّ من أن تكتسب شعبية باللحن المجرد غير المزود بالكلمات، ولكن المهم أنها كانت علامة فارقة على طريق البدايات، لا سيما وأن حسين منذر سرعان ما أنشأ علاقة ناجحة الإعلام الفلسطيني في مصر حيث تبث برنامجاً من إذاعتها "صوت الثورة الفلسطينية"، دعماً للمقاومة الوليدة، ومن المعروف أن أغنيات وأناشيد مبكرة للفرقة قد ظهرت في هذه الإذاعة.
أضف تعليق
قواعد المشاركة