جزيرة فاضل.. قرية فلسطينية على أرض مصرية
جزيرة فاضل، هى إحدى القرى التابعة لمركز أبوكبير، بمحافظة الشرقية، وهى أكبر القرى المصرية التي تضم لاجئين فلسطينيين، حيث يصل عدد سكانها إلى ما يقرب من ٥ آلاف لاجئ حضروا إلى مصر عقب احتلال بلادهم وهدم بيوتهم وتهجيرهم عنوة وسط بكاء وعويل الكبار والأطفال، بعدما حضر آباؤهم وأجدادهم إلى القرية في عام النكبة ١٩٤٨.
وقمنا بزيارة القرية لنقف على معاناة الأهالى بها، فمنازل القرية بني غالبها من الطين، والأطفال يساعدون الآباء في جمع المخلفات للعيش منها، ومجموعة أخرى تعمل عملا موسميا في الحقول والبساتين، وآخرون يقومون ببيع الملابس في الأسواق، وآخرون يعملون بالمهن الحرفية، وحال القرية لا تختلف كثيرًا عن القرى المجاورة، والتي لا يوجد بها صرف صحي لتكلفته الباهظة، ولا توجد بها الحياة المؤهلة للعيش الكريم، فالأطفال يخرجون منذ الصباح الباكر لعملهم وكذلك الآباء والأمهات.
في البداية، يقول عمدة القرية «عيد النامولي نصير»: إن مصر وطننا الذي ولدنا فيه ونعشقه، لأننا نبتنا على ترابه وشربنا من ماء نيله وتعلمنا في مدارسه، وسندافع عنه بدمائنا وأموالنا، مؤكدًا أنهم يعيشون في مصر منذ ولادتهم، وأنهم شعروا بالأمان بعدما تولى الرئيس السيسي حكم البلاد، كما أحسوا بأمان آخر بأن القضية الفلسطينية لها سند من رئيس مصر قائلا: «الرئيس السيسي يمشي على خطى الرئيس عبد الناصر»، مناشدًا الرئيس التدخل لإنهاء ما يحدث داخل المسجد الأقصى المبارك وحقن دماء إخواننا الفلسطينيين، لافتًا إلى أنهم يتابعون الأحداث عبر شاشات التلفاز، ومن خلال المواقع الإخبارية، إلا أنهم مطمئنون بأن القضية الفلسطينية في القلب، خاصة أن مصر هي الداعمة للسلام في المنطقة من أجل المصالحة الفلسطينية ومحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط، وهذا ليس بجديد على «أم الدنيا».
وأضاف العمدة، أن قرية جزيرة فاضل حدث فيها بعض التغييرات عن الماضي، حيث قلت نسبة التسرب من التعليم، خاصة بعد الزيارات المتكررة للسفير بركات الفرا، رئيس مؤسسة الصداقة المصرية الفلسطينية بالقاهرة، ومحاولة الاهتمام بأطفال القرية، بعدما شوهتهم بعض الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، حيث تم تنظيم أيام ترفيهية وتعليمية وتثقيفية لهم في الحدائق والمكتبات بالتنسيق مع الفنان سليم التالولي، رئيس اتحاد الفنانين الفلسطينيين، ونائبه الفنان فايق عوكل، وبالتعاون مع اتحاد المرأة الفلسطينية، برئاسة آمال الأغا، واتحاد العمال الفلسطينيين، برئاسة رزق صلاح أبوبكرة، والذي ساهم في دفع المصروفات المدرسية للطلاب بمختلف المراحل، وكان له الأثر الطيب في عدم تسرب الطلاب، خاصة في المرحلة الابتدائية.
وطالب عمدة القرية، المسئولين بعودة صرف حصص التموين والمعاشات لأهالي «جزيرة فاضل»، لأنهم أحوج الناس إليها، وأن يتم معاملتهم مثل المصريين، كما كان يحدث قبل عام ١٩٨٥، حيث كان الفلسطيني المقيم في مصر منذ عام ١٩٤٨ يعامل معاملة المصريين، لأنهم في أشد الاحتياج لرغيف الخبز المدعم والعلاج في المستشفيات الحكومية، وعدم التعامل معهم بالوثيقة، مؤكدًا أن وزارة الصحة الفلسطينية لا تعترف بِهم، والصحة المصرية تعاملهم معاملة الأجانب، رغم أنهم ولدوا وعاشوا في مصر.
وأوضح «النامولي» أن هناك شريحة كبيرة من الأهالي يعملون في جمع المخلفات بجميع أنواعها، حيث يقوم الأطفال بمساعدة أسرهم في جمع المخلفات من القمامة في الصباح الباكر، لأنه لا يوجد لهم دخل سوى ذلك الأمر، وهو ما ينذر بتسرب عدد كبير من التعليم وعزوف بعض الأهالي عن دخول أبنائهم للمدارس، والاكتفاء بحضورهم في مكتب محو الأمية، الذي تم إنشاؤه بالقرية داخل دوار الشيخ نصير، والذي ساهم في محو أمية عدد كبير من أبناء القرية.
من جانبه، قال جبر سالم بركة وشهرته «أبو ياسر»، ٦٠ عامًا: «نحن نعيش في مصر منذ الخمسينيات، وكبرنا على أرضها ومستعدون للدفاع عنها في أي وقت، فنحن أكثر من ٥ آلاف فلسطيني نعيش بالقرية، جميعنا ولد في مصر إلا الآباء الكبار، وندين لها بالولاء، فنحن مصريون بروح فلسطينية، لكن لدينا أمل في العودة مرة ثانية لديارنا وأرضنا التي لم نزرها بمنطقة بئر السبع بفلسطين، ولا نريد العودة لغيرها.
وأضاف «أبو ياسر» قائلا: «هاجر جدي ووالدي عام ١٩٤٨ من بئر السبع بفلسطين ومعهم ٤٠ أسرة جميعهم من قبلية واحدة تدعى «النامولي والحسونيين»، قادمين إلى قطعة أرض صحراء بالشرقية، أطلقوا عليها اسمها «جزيزة فاضل»، لا يوجد بها أحد، وكانت جرداء لا زرع فيها ولا ماء، فمكثنا بها وعمرناها، ومات ودفن بعض أهلنا فيها، ولم أزر فلسطين طوال حياتي، ولكن عندي أمل في العودة إليها».
لافتا إلى أن أهالي القرية ظلوا ينعمون بجميع المميزات التي لا تفرقهم عن أشقائهم المصريين في عهد الزعيم الراحل «جمال عبدالناصر»، حيث أمر بتعليمهم في المدارس المصرية، وعلاجهم في المستشفيات الحكومية، والحصول على بطاقات التموين مثل المصريين، وظلت العلاقة هكذا حتى أواخر أيام الرئيس الراحل «أنور السادات»، إلا أنها تغيرت في عام ١٩٨٥، وتم سحب جميع المميزات منهم وسحب بطاقات التموين، وفي حالة ذهاب الأطفال للتعليم يجب الحصول على وثيقة له من السفارة، رغم أننا كنا نقدم لأبنائنا في المدارس بشهادة الميلاد فقط، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات جعلت البعض يعزف عن تعليم أبنائه، خاصة أن جميع الموجودين بالقرية يحبون كثرة الإنجاب وأقل شخص فيهم لديه ٥ أطفال، وبالتالى لا بد من استخراج وثيقة لكل طفل.
وطالب أهالي القرية المسئولين المصريين بأن تتم معاملتهم معاملة المصري، خاصة في العلاج والدعم والتعليم، قائلين: «نفسنا نعلم أولادنا، بس العين بصيرة والإيد قصيرة».
المصدر: البوابة
أضف تعليق
قواعد المشاركة