"كرت المؤن".. بطاقة بلا قيمة شاهدة على بؤس النكبة

منذ 8 سنوات   شارك:

في الـخامس عشر من من أيار، تتربص الذكريات في أذهان أصحابها لتعيدهم 69 عاماً إلى الوراء حينما مارس الاحتلال كافة مظاهر القتل والتشريد وتهجير، مشتتا ما يقارب المليون فلسطيني عن أراضيهم وبيوتهم، وحولهم الى لاجئين فيما تبقى من فلسطين وفي دول الجوار.

في تلك الفترة العصيبة، انطلقت وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، فتولت مساعدة أولئك اللاجئين في فلسطين والخارج من خلال بناء الخيام لهم على شكل تجمعات سكانية متلاصقة حملت اسم المخيمات، بالإضافة إلى تخصيص ما عرف لدى اللاجئين باسم "كرت المؤن" لكل عائلة لاجئة، حتى تتمكن بموجبه من تلقي المساعدات الغذائية عبر الوكالة.

وظلت خدمات "الاونروا" متواصلة حتى ما قبل 8 سنوات، حيث قلصت الوكالة خدماتها بشكل تدريجي لتقتصر على التعليم والصحة والتشغيل المؤقت بنسبة ضئيلة جداً، وأصبح "كرت المؤن" وثيقة بلا جدوى.

وبعد مرور 69 عاما على النكبة، لا يزال أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين في أوضاع مادية صعبة خاصة مع تقليص المساعدات الغذائية التي كانت تقدمها وكالة الغوث التي كانت تشكل مصدراً أساسياً لبعض الأسر في المخيمات.

ونتيجة لشح مساعدات "الاونروا" في المخيمات، طرحت الشؤون الاجتماعية برنامج "أفقر الفقراء" الذي يتم من خلاله تعبئة استبانات بالوضع الاقتصادي لكافة اللاجئين الموجودين في المخيم من اجل إحصاء أفقر العائلات الموجودة ليشملها برنامج المساعدات المخطط له.

يقول أمين سر لجنة خدمات مخيم بلاطة ابراهيم صقر: "منذ ما يقارب ثماني سنوات أصبحت مساعدات وكالة الغوث شحيحة جداً، فقد سحبت مساعداتها في مجال إعادة ترميم البيوت السكنية الآيلة للسقوط، بالإضافة إلى اقتصار البرنامج التوظيفي "التشغيل مقابل المال" من 1000 فرصة عمل في الشهر الواحد إلى 100 في الشهرين، وهذا مؤشر كبير على إمكانية قطع هذه المعونات بشكل نهائي في السنوات القادمة".

ويضيف صقر: "ربما يكمن السبب وراء التقليصات التي تجريها الوكالة على المساعدات المالية للاجئين، هو ارتفاع عدد اللاجئين في العالم خاصة في ظل أزمات الدول العربية التي أسهمت في خلق أزمة كبيرة لدى بعض الدول العربية مثل سوريا التي تحول ما يقارب ثلث سكانها إلى لاجئين في الخارج، وقد يكون السبب أيضاً رغبة دول العالم الخارجي تغييب قضية اللاجئين ودثرها من خلال عدم إدراجها على قائمة ضحايا الحروب بعد قطع المساعدات المالية وتقليصها".

من ناحيته، يرى رئيس اللجنة الشعبية لخدمات نابلس، عمرو التميمي، أن تقليص وكالة الغوث خدماتها للاجئين خطوة ممهدة لقطع تلك المساعدات نهائياً، حيث أن تقليص تلك الخدمات لم يحدث بشكل مفاجئ وإنما بخطوات تدريجية مدروسة، ربما يكون الهدف منها دثر قضية اللاجئين وتغيبها عن الأولويات الدولية.

ويوضح التميمي ان اللجنة الشعبية لخدمات نابلس، استنادا إلى مهامها التي شكلت لأجلها، تعمل على خدمة نحو 12 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون داخل المدينة وليس في المخيمات، مضيفا أنه "على الرغم من تخصيص السلطة الفلسطينية مبلغاً مالياً للجنة من أجل إعانة اللاجئين إلا أن إمكانيات اللجنة الشعبية لا تكفي لتشكل داعماً أساسياً لهم، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي السيء الذين تعانيه شريحة كبيرة من اللاجئين المتواجدين في بلدة نابلس القديمة".

الحاجة أم خليل (76 عاماً) من مخيم عسكر شرق نابلس، تستذكر آخر أيامها في بلدة العوجا قبل أن تحمل "لاجئة"، فتقول: "لم نكن نعلم عندما خرجنا من هناك اننا لن نعود، فما أخبرونا به حينها أن خروجنا سيكون مؤقت لحمايتنا، وأننا سنعود إلى بيتنا بعد عدة أيام بعد أن تهدأ الأوضاع ويزول الخطر عن حياتنا".

مفتاح منزل أم خليل، وأواني الطبخ الخاصة بها والتي قامت بدفنها في ساحة بيتها قبل أن تغادر، شاهد حي على أن تلك الجريمة لم تمت للإنسانية بصلة، تقول ام خليل: "بعد أن خرجنا من منازلنا توجهنا إلى منطقة طبريا ثم مررنا بمناطق عدة كانت كل واحدة منها محطة لنا حتى استقر بنا المطاف هنا في نابلس في خيام صغيرة، وكانت وكالة الغوث تتكفل بتقديم المساعدات الغذائية لنا كي نتمكن من سد حاجتنا".

وتضيف أم خليل": منذ أن سكننا المخيمات كانت وكالة الغوث الدولية المساعد الأول لنا في تحسين أوضاع المخيم وتوفير متطلبات اللاجئين الأساسية، إلا أنها في الفترة الأخيرة قامت بتقليص المساعدات بشكل كبير حتى أصبح كرت المؤن مجرد بطاقة بلا قيمة أو فائدة".

ويقول الحاج أبو رائد الدبعي أحد سكان البلدة القديمة: "مأساة الـ48 جريمة كبيرة بحق الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من مرور 69 عاماً عليها إلا أن أثارها لا تزال ممتدة حتى اللحظة، ولن تنتهي طالما أن كل لاجئ خرج من أرضه لم يعد إليها بعد".

وفيما يتعلق بدور وكالة الغوث في إعانة اللاجئين، يقول الدبعي: "إن دور وكالة الغوث في البداية كان فعالا ومهما جداً في إسناد اللاجئين وتقديم يد العون لهم من خلال المساعدات المادية والغذائية إلا أنها في السنوات الأخيرة لم تؤد دورها واخذ هذا الدور يتلاشى شيئا فشيئا". 

 

المصدر: القدس دوت كوم



السابق

جامعة أمستردام تمنع محاضرة عن النكبة.. ودعواتٌ لتوحيد العمل الوطني

التالي

بوابة برلين تشهد رفع أطول علم فلسطيني في العالم


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!

في الأزمنة البعيدة، كان الشرق الاوسط  قلب العالم، ونافذة السماء إلى البشر، ومسرح الوحي الذي غيَّر وجه التاريخ. على هذه الأرض مشت… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير