"المرأة" فاتورة الحرب الأكبر خلال معركة العصف المأكول

منذ 11 سنة   شارك:

هبة الجنداوي

صحافية وناشطة فلسطينية

لأن الزمن في غزة شيء آخر.. لأن الزمن في غزة ليس عنصراً محايداً.. إنه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل، ولكنه يدفعهم إلى الإنفجار والإرتطام بالحقيقة".. ربّما تكون تلك الكلمات التي رسمها محمود درويش في ثناء غزة حيناً ورثائها أحياناً، ربما هي أكثر ما يعبّر عن حال غزة المتقلّب باستمرار، حيث لا تكاد تودِّع حرب، حتى تُسدِلُ أخرى حُللها على أرضها، وتعيث فيها عذاباً، وموتاً، ومرارة.. ليكتشف الغزّيّون بعد إنطفاء نيرانها، هول الحقيقة السوداء المتجلّية بالتشريد، والدمار، والمذابح بحق الأبرياء من الأطفال والنساء...

نساء سُحِقت تحت النار..

لم تستثنِ آلة الحرب الصهيونية أحداً من سعير نيرانها، فكلّ شيء- كما رأى العالم عبر شاشات التلفزة- كان ضمن بنك أهداف الإحتلال الملطّخ بدماء الأبرياء، لكن وبحسب دراسة أجراها المرصد الأورومتوسّطي فإنّ النساء قد دفعن الفاتورة الأعلى خلال الحرب الأخيرة على غزة.
فحوالي 489 إمرأة فلسطينية استُشهدت في مناطق مختلفة من القطاع، وشكلنّ مانسبته 22% من إجمالي ضحايا العدوان. وقد بيّنت الإحصائيات أنّ 194 شهيدة منهنّ تقلّ أعمارهنّ عن 18 عام.
كما وشكّلت نسبة الجرحى من النساء حوالي 31% من أعداد جرحى الحرب، حيث أُصيبت نحو 3532 إمرأة خلال القصف المتعمّد للعائلات الآمنة بلا رحمة، مرتكبةً إبادات جماعيّة بحق عدد كبير منها. وفي انتهاك صارخٍ لحقوق الإنسان، فقد تسببت الحرب بإعاقة 1000 إمرأة جريحة عدد كبير منهنّ فقدن الزوج أو المنزل أو كلاهما معاً.

النساء الحوامل في دائرة الإستهداف

حالةُ من التوتّر والهلع كانت تسيطر على أحياء غزة، فما إن يسقط صاروخ على إحداها حتى ترى أفواجاً من الناس قد خرجوا يركضون نحو أماكن "أكثر أمناً"، فترى النساء قد خرجت بعضهن بثياب الصلاة، يحملن أطفالهنّ ويجررن آخرين والأنفاس متقطعة من أصوات الموت المحيط!
لكنّ كثيراً من تلك العائلات حاصرها القصف والغارات الكثيفة في منازلها، وكان الموت مصيراً محتّماً لمن قد يفكّر في الهرب خارجاً. هذا الوضع الخطير قد تسبب بوضع نحو 20 إمرأة حملها في المنزل، نظراً لعدم استطاعتِهنّ الوصول إلى المستشفيات، بسبب الغارات الكثيفة. كما أنّ أكثر من 100 سيدة حامل وصلن لمستشفيات القطاع، نتيجة تعرضهن لإصابات مباشرة بشظايا الصواريخ، أو باستنشاق الغازات السامة، فيما فقد عدد كبير منهنّ الأجنة.

إنتهاك القانون الدّولي

هذه الانتهاكات الفاضحة من قبل الاحتلال بحق المرأة الفلسطينية تستدعي محاسبة دوليّة قاسية لقادة الاحتلال، لانتهاكهم المــادة (17) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على "واجب الدول الأطراف في أن تعمل على نقل "النساء الحوامل" من المناطق المحاصرة". لكن للأسف ما من أحد قد وجه للكيان الصهيويني حتى "إنذار" على أيٍ من المجازر والانتهاكات التي ارتكبها سواء خلال هذه الحرب أو خلال الحروب الماضية التي تعرّضت لها غزة.

11 ألف إمرأة مشرّدة

"أنا هون صرلي 3 أشهر عايشة بالعراء مافي بيت يسترني أنا وأولادي، ما بكفي إنو حرموني من زوجي كمان راح البيت وتشرّدت أنا وأولادي".. السيّدة "أم نبيل" ليست وحدها من شُردت وأولادها وخسرت زوجها ومنزلها، بل هي حال الكثير من النساء اللواتي حرمتهن تلك الحرب الضروس الزوج، والمنزل، والدفء، والأمان.. فما يقارب ال 11 ألف إمرأة، تسكن في مراكز الإيواء في ظروف إنسانية قاسية، تزيد وجع الفقد وجعاً مضاعفاً. فتلك المرأة التي تملك 5 أو 6 أولاد صغار كيف ستعيل أسرتها وتلملم شتات أنفسهم وتدرأ الحرمان والعوز عنهم! كيف تستطيع في موجات البرد القارسة أن تؤمّن المأوى لأولادها بدل تلك الخيم الباردة الموحشة، وتدفئ قلوبهم المحرومة!

مهما فصّلنا في الشرح وسردنا تظل المعاناة أكبر وأعمق، فالمأساة التي تحملها غزة فاقت كل مآسي العالم من شمالها الى جنوبها، حصار خانق، لا كهرباء، لا مياه، لا حياة تصلح للحياة... كل ما تحتاجه غزة هو لمسة حنوٍ من إخوةٍ في العروبة، تمحو عنها الأسى ومرارة الحياة، وتعيد البسمة لتتلألأ على شفاه من سئموا حياة الإذلال والمعاناة!
 

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!

في الأزمنة البعيدة، كان الشرق الاوسط  قلب العالم، ونافذة السماء إلى البشر، ومسرح الوحي الذي غيَّر وجه التاريخ. على هذه الأرض مشت… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير