عبّود بطاح: الوجه الحيّ للمقاومة بعد حنظلة!

منذ 6 ساعات   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

عبود بطاح شاب فلسطيني ينقل وجع غزة بالكلمة والكاميرا، امتداداً لروح حنظلة.

كان حنظلة يوماً رمزاً للفلسطيني الذي أدار ظهره للعالم، لأن العالم أدار ظهره له. وقف صامتاً في كاريكاتير ناجي العلي، طفلاً لا يكبر، شاهداً على الخذلان، وعلى جرح لا يندمل. ظلّ حنظلة في مخيلتنا رمزاً للكرامة، للوجع، وللصبر الطويل الذي لا يعرف نهايات.

 

واليوم بعد عقود، وفي وسط نيران لم تنطفئ في غزة، يولد عبّود. ليس بريشة رسّام هذه المرة، بل بكاميرا، وبصوت يحمل الحكاية كما هي: حارة، موجعة، بلا تجميل. عبّود ليس شخصية من خيال، بل وجه من لحم ودم، ابن المخيم والشارع والأنقاض، يخرج إلى الناس ليتحدث بلسان كل من لم يجد وقتاً ليحكي وجعه.

 

عبّود بطاح، الشاب الفلسطيني، يعرّف عن نفسه بلقب "أقوى صحفي في العالم"، لكنه أكثر من مجرد لقب؛ فهو شاهد حيّ على الحرب، ينقلها بكاميرته وابتسامته الساخرة التي لا تفارق وجهه، ليصل صوته إلى ملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي. بفضل حسّه الفكاهي وروحه المرحة وسط الدمار، أصبح عبّود ليس مجرد مراسل، بل رمزاً حياً للقدرة على المقاومة بالكلمة والابتسامة، ووريثاً لروح الصحافة الحرة التي مثلتها الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

 

في مقاطع عبّود، لا ترى مجرد "محتوى" كما يسميه الناس، بل ترى غزة تنطق. تسمع تحت كلماته بكاء الأمهات، وضحكة الأطفال التي تختنق بين الركام، وتشعر أن كل كلمة يقولها خرجت من قلب أرهقته الحرب، لكنه ما زال ينبض بالعزّة.

 

عبّود لا يبحث عن شهرة، ولا عن إعجاب عابر. هو يريد فقط أن يُسمع صوت مخيمه، أن يقول للعالم: "نحن لسنا أرقاماً في الأخبار، نحن حياة تُقاوم لتبقى." في كل فيديو يصنعه، ينسج خيوطاً من الحزن والأمل، من وجع لا يُحتمل وابتسامة لا تموت.

 

لقد صار عبّود امتداداً رمزياً لحنظلة، لكنّه لا يدير ظهره للعالم، بل يواجهه وجهاً لوجه، بكاميرا تُحاصر الصمت، وبكلمات تفضح اللامبالاة. حنظلة كان احتجاجاً صامتاً، أمّا عبّود فهو احتجاج ناطق، حديث جيل لم يُمنح فرصة الطفولة، فاختار أن يصنع من الألم رسالة تُحرّك القلوب.

 

وسيبقى عبّود، في هذه الحرب وما بعدها، صوتاً من رماد لا ينطفئ، شاهداً على غزة التي تُدمَّر كل يوم، لكنها في كل مرة تعيد بناء نفسها بصوت ابنها، بكلماته، وبإبداعه الذي صار شكلاً من أشكال المقاومة.

 

*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.

 

 

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

عبّود بطاح: الوجه الحيّ للمقاومة بعد حنظلة!

عبود بطاح شاب فلسطيني ينقل وجع غزة بالكلمة والكاميرا، امتداداً لروح حنظلة. كان حنظلة يوماً رمزاً للفلسطيني الذي أدار ظهره للعال… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير