النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!
محمود كلّم
كاتب فلسطيني
في زوايا الأرض التي تحافظ على أصالتها، تنمو عشبة النجيل بعزيمة لا تلين. قد تُقص أو تُجز، لكنها سرعان ما تعود إلى الحياة، تنبت من جديد، أقوى وأشرس من السابق. هذا الواقع البسيط للطبيعة يحمل في طياته درساً عميقاً عن الصمود، درساً يذكّرنا بالشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني، مثل النجيل، يعرف معنى البقاء رغم كل الاغتيالات والاعتداءات المتكررة. كلما سُلب منه قائد، ظهر قائد آخر أكثر إصراراً وعزيمة، وكلما حاول الاحتلال كسر إرادته، وجد الشعب طرقاً جديدة للنهوض من الرماد. القهر لا يزرع إلا مقاومة، والاغتيالات لا تولد إلا عزيمة أقوى.
إن إلقاء نظرة على تاريخ فلسطين يشبه النظر إلى حقول النجيل بعد أن تُقص بعنف. يبدو المشهد حزيناً، وربما مؤلماً، لكن الحياة تستمر. كل جيل من هذا الشعب يحمل جذوراً أعمق، وفروعاً أكثر قوة. كل دم يسيل على الأرض يُثمر مقاومة، وكل فقدان يُلهم الأجيال القادمة للوقوف صامدين.
ومع كل خسارة، ومع كل اغتيال، يثبت الفلسطينيون أنهم لن يُكسروا. مثل النجيل، كل محاولة لإضعافهم تجعلهم أكثر صلابة، وأكثر قدرة على الصمود. هي ليست مجرد مقاومة جسدية، بل روح تتجذر في قلب الأرض وتغذيها بالعزيمة والأمل.
الحزن الذي يخيّم على الشوارع والمنازل الفلسطينية ليس مجرد حزن على الخسارة، بل حزن على غياب السلام، وغياب العدالة، واستمرار الاغتيالات التي تستهدف القلوب قبل الجسد. ومع ذلك، يبقى الأمل متجذراً، مثل عشبة النجيل التي لا تموت، والشعب الذي لا يُقهر.
يعلم كل من يتابع هذا الواقع المؤلم أن فلسطين لن تُهزم. مهما طال الزمن، ومهما اشتدت المحن، سيبقى الشعب الفلسطيني صامداً، وستظل جذوره تنبت من جديد، أقوى وأشرس، حتى يكتب التاريخ انتصارهم.
[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
أضف تعليق
قواعد المشاركة