لمسة وفاء الأستاذ محمود.. بذور أثمرت في كتاب حسناته
ياسر علي
إعلامي وشاعر فلسطينيعرفتهُ بهذا الاسم، في مسجد فلسطين في مخيم برج البراجنة عام ١٩٧٧..
لم أكن أعرف ماذا يعني ان تأخذ درس دين في المسجد..
كنا مجموعة من تلاميذ الصف الرابع الابتدائي في مدرسة اليبنة قرب المخيم، دعانا أحد الزملاء (خالد ش.) إلى درس في المسجد.. جئنا كالغرباء، لا نفقه شيئاً، دخلنا المسجد، فوجدنا حلقة لفتيان اكبر منا يقرؤون القرآن مع "الأستاذ محمود"..
فجلسنا قربهم حتى انتهوا، فدعانا الأستاذ وبدأ يعلمنا.. وما زلت أذكر أول درس:
"أول ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة.. {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً}.. {ما سلككم في سقر، قالوا لم نكُ من المصلين}..".
ودعانا إلى الموظبة عليها لأن (الصلاة عماد الدين)..
وكانت هذه الجلسة هي بداية الالتحاق بالمسجد..
ذات يوم كاد يطردنا "ختايرة" المسجد منه، فمنعهم هو.. وفي يوم آخر نظموا مولداً ووزعوا على المصلين (الراحة والبسكوت)، ولم يعطوا أفراد الحلقة التي حفظنا فيها على يديه من سورة الضحى إلى سورة الناس..
لم يقتصر عمله على الدروس، بل كان يزور بيوت تلاميذه ويصادق أهاليهم، ويهتم بحلّ مشاكلهم.
هو كان طالباً قادماً من Gزة، يدرس الأدب العربي في جامعة بيروت العربية، ويسكن في مخيم برج البراجنة.. غرس غراسه في مسجد المخيم، من دون أن يدري أنه كان من مؤسسي العمل الإسلامي في المخيم..
أزعم أن كثيراً من قيادات العمل الإسلامي وقدمائه وشهـ. داء المخيم تعلموا على يديه.. فهو زرع بذرةً نمت في مسجد فلسطين، وتخرج من شجرتها العشرات الذين أثّروا بالمئات.
بقيت أسأل عنه، حتى عندما زرت Gزة سنة ٢٠١٢، سألت عنه هناك، ولم أجده هناك. بسبب خطأ باسم العائلة.. صححه لي أخي الكبير منذ أسبوعين (وكان من طلابه أيضاً).
اليوم تحديداً، عرفت أن الأستاذ محمود أصيب بأمراض كثيرة وصدمته سيارة، توفي على أثرها. وأنه هو نفسه جارنا في منطقة وادي الزينة: الحاج أبو صالح الشناط رحمه الله.
فيا ليتني علمت بهذا وهو حيّ يرزق..









أضف تعليق
قواعد المشاركة