غزّة تنزفُ... واليمن آخرُ الأَوفياءِ

منذ 4 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في ليل غزة الطويل، حين يغيب الأمان، ويتحوّل الدخان إلى سماء، ويصير الركام أرضاً، نبحث عن صوتٍ واحدٍ في هذا العالم المزدحم بالصمت.

نجد اليمن، رغم الجراح، ورغم الحصار، ورغم بُعد المسافة، يشهر صوته، ويرفع رايته، ويقصف العدو المحتل، وكأن المسافة بين صنعاء وغزة ليست آلاف الكيلومترات، بل نبض قلبٍ واحد!

 

اليمن... يا من تنهش الحرب جسدك، وتبكيك المجاعة، ما زلت عربيّ النخوة، أصيل الوفاء، تؤمن أن غزة ليست مجرّد خبرٍ في نشرة المساء، بل شقيقة الروح، وأمانة العروبة.

فيك من الفقر ما يكفي لتنهار، لكن فيك من الكرامة ما يجعل الجبال تركع.

فيك من الحصار ما يكفي لتصمت، لكنك تصرخ، وتقف، وتضرب، وتقول للعالم: ما زالت العروبة حيّة، ما دام في اليمن قلبٌ ينبض.

 

وفي المقابل... نُرسل العتب، ونحن لا نملك إلا الكلمة، إلى جيران الدم والجغرافيا.

 

إلى جيش الكنانة... ألم تَرَ دماءنا تسيل؟ ألم تسمع أنين أطفالنا، صدىً يُدوّي قرب حدودك؟

كيف يكون الجدار أقرب من الأخوّة؟ كيف تصمت أرضُ الكرامة على نزف غزة؟

 

وإلى الجيش العربي الأردني... أما سمعت صرخات الأقصى؟ أما هزّك صوت "الله أكبر" وهو يستنجد، ويُهان، وتُدنس أبوابه؟

 

نحن لا نطلب معجزة... نطلب رجولةً تشبه رجولة اليمن، ونخوةً تماثل نخوته، وضميراً لا تذبحه الحسابات الباردة.

 

يا شعب اليمن... نحن في فلسطين نرفع رؤوسنا فخراً بك، نعلم أن لنا في هذه الأرض من يشبهنا وجعاً، ويشاركنا الموقف.

سيذكر التاريخ أن من كان جائعاً، حارب من أجل من هو تحت القصف، وأن من كان مُنهكاً، صرخ من أجل من لا صوت له.

 

وفي يومٍ ما... حين يُكتب هذا الزمن بصدق، ستبقى اليمن عنوان النخوة، ووسام الفخر على صدر كل فلسطيني.

 

وتمضي الأيام، وتبقى غزة تنزف وحدها، تطرق أبواب العروبة فلا يُفتح لها باب، وتصرخ باسم القدس، فلا يجيبها إلا البعيد.

وتبقى اليمن، رغم كل ما فيها، اليد الوحيدة الممتدة في زمنٍ انكمشت فيه الأيادي، والنبض العربي الأخير في جسدٍ بات ساكناً.

وإن كان العتب لا يُجدي، فإننا نكتبه على جدران القهر، علّه يوخز يوماً ضمائر غفت، ويوقظ قلوباً خذلتنا وهي الأقرب.

نموت واقفين، لكننا نعلم أن في اليمن من يحملنا في قلبه... وأن الكرامة لا تموت، ما دام فيها نفسٌ يمنيٌّ واحد.

 

 

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.

 

 

 

 

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!

  في زوايا الأرض التي تحافظ على أصالتها، تنمو عشبة النجيل بعزيمة لا تلين. قد تُقص أو تُجز، لكنها سرعان ما تعود إلى الحياة، تنبت… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير