ٱلأَسدُ لا يُفاوِضُ على قُوتهِ

منذ 5 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

قالها صلاح خلف(أبو إياد)، ومضى شهيداً:

"من هو الحمار الذي يُسلّم قوته، ويذهب ليفاوض عدوه؟"

لم تكن كلمات غضبٍ عابر، بل صرخة وعيٍ وشرف، صرخة من يعرف أن الأرض لا تُعطى، وأن البنادق لا تُنسى، حتى لو طال ليل النكبة وتوالت الخيبات.

 

هذا الشعب الفلسطيني، المجبول من تراب المجازر، لا يزال واقفاً، لا يزال يتنفس من رئة الحجر، ويقاتل من قلب الحصار.

شعبٌ جائع، لكنه لا يركع.

محاصر، لكنه لا يساوم.

يعيش في الخيام، وتحت الركام، لكنه لا يتنازل عن قوته، ولا عن كرامته.

 

أطفالُنا يولدون على صوت الغارات، ويكبرون وهم يدفنون إخوتهم.

نساءُنا يُربّين الشهداء لا الأبناء.

وشيوخُنا، الذين فقدوا كل شيء، لا يزالون يرفعون أصابعهم في وجه الاحتلال، يقولون: لن ننسى، ولن نسامح.

 

وغزة، يا الله، غزة...

غزة التي لم تترك للغة مفرداتٍ كافية لتصف جراحها،

غزة التي تحوّلت إلى مقبرة مفتوحة، وكتاب من نار، وأسطورة من لحم ودم.

لم يبقَ فيها شيء لم يُقصَف، ولم يُحرَق، ولم يُدفَن حياً، لكنها رغم كل شيء، ما زالت ترفع رأسها، ما زالت تصرخ في وجه العالم الأعمى:

"لن أُسلّم قوتي، ولن أقبل بالذل، وإن متُّ واقفاً."

 

أليس في غزة الآن من يزرع الزعتر بين الأنقاض؟

من يُرضع طفله تحت جناح طائرة؟

من يحتضن جثة أخيه، ويقول: "الموت لنا عادة... لكن الهزيمة لا!"؟

غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل روح مقاومة خالدة،

مدرسةٌ من نارٍ، لا تُخرِجُ إِلَّا الأُسُودَ.

 

ما أكثر الذين طلبوا منا أن نُسقط قوتنا، أن نُصافح اليد الملطّخة بدمنا، أن نكون حميراً في حظيرة التطبيع، لكن هذا الشعب، بوعيه العميق، يعرف جيداً أن لا مفاوضات تحت القصف، ولا سلام في ظل الاحتلال، ولا حرية في غياب القوة.

 

شعبنا الفلسطيني، كما قال صلاح خلف، أسدٌ... والأسد لا يقوده حمار.

ولذلك، لا نخون، لا نبيع، لا نستسلم.

نبكي، نعم، فالدم كثير، والخسارات موجعة، لكننا لا ننكسر.

في كل شهيد يولد ألف مقاوم، وفي كل أنقاض بيت تُزرع بذرة انتقام لا تموت.

 

نم قرير العين يا أبا إياد،

فشعبك لا يزال يرفض أن يكون عبداً... أو حماراً.

شعبك لا يزال واقفاً... بصبر الجبال، وبشجاعة من لا يهاب النهاية.

 

[محمود كلَّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنينِ السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماءِ والهُويَّةِ الفلسطينيَّةِ. يرى في الكلمةِ امتداداً للصَّوتِ الحُرِّ، وفي المقالِ ساحةً من ساحاتِ النِّضالِ.

 

 

 

 

 



أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!

غزة، تلك البقعة الضيقة من الأرض، باتت اليوم مسرحاً لفاجعة لا يشبهها تاريخ. مدينة تُقصف من السماء، وتُحاصر من البحر، وتُستنزف من ال… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير