علي عبدالله علي، أَبو عاطف: رجلٌ من ذهبٍ تاهت به الأَزمنةُ

منذ 5 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في زحمةِ الأيامِ وصخبِ الحياةِ، كان علي عبدالله علي، المعروف بأبي عاطف، شعلةً لا تنطفئ، رجلاً استمدَّ قوَّته من شموخِ الجبالِ وشجاعته من زئيرِ الأسود. وُلِدَ عام 1947 في شفا عمرو - قضاء حيفا، وكان صورةً حيَّةً للنبلِ والمروءَةِ، يجمع بين التواضعِ الذي يطأطئ الهاماتِ والشهامةِ التي ترفعُ القامات.
ينحدرُ أبو عاطف من عشيرة عرب السَّمنيَّة، من بَطنِ المناصرة، تلك العشيرةُ التي طالما تميَّزت بشجاعتِهَا وأَصالتِهَا.

ذاتَ يومٍ من أيامِ ريفِ دمشق في عامِ 2013، خرج أبو عاطف ليحصل على راتبه التقاعدي، وكأنما خرج ليعانق السراب، فلم يعد من حينها، وكأن الأرض قد انشقَّت وابتلعته، تاركاً خلفه لغزاً لا يزال يتردَّد صداه في القلوبِ والعقول.

كان أبو عاطف كالنسيمِ العليلِ، يدخل القلوبَ دون استئذان. 
شجاعته كنورِ الشمس، لا تحجبُه غيومُ المواقف.
 أما نخوته، فكانت كالماءِ الذي يروي عطشَ الملهوفين، وأصالته كالذهبِ الذي لا يصدأُ مهما مرَّت عليه السنون.

صدقه وأمانته كانا كوجهِ القمر، يضيئان ظلماتِ القلوب، ووفاؤه كنبعٍ لا ينضبُ مهما اشتدَّت حرارةُ المواقف.
كان كريماً كالنهرِ، يعبره الجميعَ من دون أن ينفد عطاؤه، وعادلاً كميزانٍ لا يختلُّ تحت ضغطِ الأهواء.

رغمَ هيبته، كان أبو عاطف متواضعاً كالشجر، ينحني للريح ولكنه لا ينكسر. يحترم الكبيرَ ويوقِّرُ الصغيرَ، فيخلق حوله هالةً من الاحترامِ والتقدير.

كان نبضَ الشهامةِ في زمنِ الأنانية، وصوتَ العدالةِ في وادي الظلم. خرج ليُسعد من حوله، ولكنه غاب كغيابِ البدرِ في ليلةٍ مظلمة.
 اسمُه عليٌّ، وعلا به ذكرُ النخوة؛ وكنيتُه أبو عاطف، فكان عاطفةً تمشي على قدمين.

غاب أبو عاطف، لكنَّ ذكراه لم تغب، ترك فراغاً، لكنه ملأ القلوبَ بحضوره. كانت حياتُه تجمعُ بين القوةِ والرحمةِ، وبين العدلِ والحكمة، وبين التواضعِ والعزَّة.

وهكذا، يظلُّ غيابُ أبي عاطف لغزاً ينهشُ القلوبَ كلما تذكَّرناه، وجُرحاً ينزفُ ألماً كلما همسَتِ الرياحُ باسمه.
 رجلٌ بحجمه لا يختفي، بل يبقى طيفاً يرافقنا في أحلامنا، وصدىً يملأ فراغَ أيامنا.

أبو عاطف، رحلتَ عن الأعينِ، ولكنَّك بقيتَ في القلوب. نبحثُ عنك في وجوهِ العابرين، وفي كلِّ زقاقٍ شهد خطواتِك. رحيلُكَ علَّمنا أنَّ الأبطالَ قد يغيبون عن مسرحِ الحياة، ولكنَّ ذكراهم لا تُمحى، وأثرهم لا يزول.
 رحمك الله يا مَن كنتَ نوراً لعائلتكَ وعشيرتِكَ، وستبقى ذكراكَ ألمَنا الجميلَ الذي لا يزول.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة

برحيل الدكتورة بيان نويهض الحوت، يُطوى فصلٌ ناصعٌ من تاريخ النضال الفلسطيني الثقافي والفكري. فقدت فلسطين اليوم امرأة كانت في آنٍ و… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير