غزَّة: بين أَنقاضِ الصَّمتِ وخيباتِ الأَملِ

منذ 8 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

غزَّة، تلك البقعة الصغيرة من الأرض التي تحملُ في طيَّاتها قصصاً لا تنتهي من الحزنِ والمعاناةِ، حيثُ يمضي الزمن وكأنَّها عالقةٌ في دائرةٍ من الألمِ. كلُّ يومٍ يجلبُ جراحاً جديدةً وأحلاماً تتبخَّرُ في هواءٍ ملوَّثٍ بالدخانِ والغبارِ.

في غزَّة، الحزنُ ليس شعوراً عابراً، بل هو جزءٌ من هويةِ المكانِ وساكنيه.

 

على مدارِ سنواتٍ طويلةٍ، أصبحت غزَّةُ رمزاً للصمودِ وشاهدةً على خيباتِ العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ. كثيراً ما اكتفى هذا العالمُ بالتنديدِ والشجبِ، بينما تبقى غزَّة تحت القصفِ والحصارِ، وكأنَّها تُتركُ لتواجه مصيرها وحدها.

وعودُ الدعمِ والمساندةِ تتبخَّرُ، ولا يبقى من التضامنِ سوى كلماتٍ جوفاءَ لا تُغني من جوعٍ.

 

أما العالمُ المتحضِّرُ، الذي يدَّعي الدفاعَ عن حقوقِ الإنسانِ والديمقراطيةِ، فهو يغرقُ في نفاقهِ. الأصواتُ التي تُنادي بالعدالةِ والحريةِ تصمتُ أمامَ الجرائمِ المُرتكبةِ بحقِّ شعبٍ أعزلَ.

يدَّعون الوقوف إلى جانب المظلومين، لكنهم يُغضون الطرفَ عن معاناةِ غزَّة، وكأنَّ حياة سكانها أقلُّ قيمةً، وكأنَّ آلامهم لا تستحقُّ الاهتمام.

 

في كلِّ زاويةٍ من غزَّة، تجدُ قصصاً تمزجُ بين الأملِ والألمِ.

أطفالٌ يحلمون بمستقبلٍ أفضل، بينما تُهدمُ بيوتهم أمام أعينهم.

أمهاتٌ يُودِّعن أبناءهنَّ، وشيوخٌ يقفون عاجزين أمام الدمارِ.

تتكررُ الوعودُ بالسلام، دون أن تتحقق، ويبقى الحصارُ خانقاً.

 

غزَّة كشفت حقيقةَ المواقفِ وأَسقطت الأَقنعة، فكم من داعِمٍ ظاهريٍّ تبيَّن ضعفُهُ وزيفُهُ! أَرادها أَهلُها معركةً للصُّمُودِ، فجعلها اللهُ غربالاً يُنقِّي الصُّفُوفَ ويُمَيِّزُ الصَّادقين عن المُتخاذلين.

 

ورغم هذا كلِّه، تبقى غزَّةُ صامدةً، وكأنَّها تقولُ للعالمِ: قد تخذلوننا، قد تتجاهلون صرخاتنا، لكنَّنا لن نستسلم. ستظلُّ غزَّةُ رمزاً للأمل الذي ينبعثُ من تحت الركام، وشعلةً لا تنطفئُ في وجهِ الظلمِ.

 

غزَّة، برغم أنقاضها التي تروي قصة صمتِ العالمِ وخيباتِ الأملِ، تبقى شاهدةً على عظمةِ شعبٍ لا يعرفُ الاستسلامَ. الشعبُ الفلسطينيُّ، بصبرِه وجبروتِه، أثبت للعالمِ أنَّه لا يمكنُ هزيمته.

ينهضُ من تحتِ الركامِ كما ينهضُ الفجرُ من عتمةِ الليلِ، متمسكاً بحقِّه وكرامتِه، مؤمناً بأنَّ العدالة ستشرقُ يوماً مهما طال ليلُ الظلمِ. هذا الشعبُ العظيمُ هو رمزٌ للصمودِ والتحدِّي، ودليلٌ حيٌّ على أنَّ الإرادة لا تنكسرُ مهما قسَت المحنُ.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!

غزة، تلك البقعة الضيقة من الأرض، باتت اليوم مسرحاً لفاجعة لا يشبهها تاريخ. مدينة تُقصف من السماء، وتُحاصر من البحر، وتُستنزف من ال… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير