الفلسطينيُّون: أُسطُورةُ الصُّمُود وأَيقُونةُ التَّحرير!
محمود كلّم
كاتب فلسطينيعلى مدى أكثر من ستة وسبعين عاماً، أثبت الشَّعبُ الفلسطينيُّ أنَّهُ رمزُ الصُّمود والإرادة الصَّلبة في وجه الاحتلال.
شعبٌ قهر التحدِّيات والخذلان، واستمرَّ في الكفاح بكلِّ الوسائل الممكنة دفاعاً عن حقِّهِ التاريخيِّ في أرضه وهويَّته. الفلسطينيُّون ليسوا فقط شعباً يُناضل، بل مدرسةً في التَّضحية والثَّبات، يُلهِمونَ شعوب العالم بمعنى الحُريَّة والكرامة.
رغم الخذلان العربيِّ والإسلاميِّ والدوليِّ، ظلَّ الفلسطينيُّون متمسِّكين بحقوقهم وثوابتهم. وفي وقتٍ كان العالمُ يُديرُ ظهرهُ لقضيَّتهم العادلة، لم يتخلَّ الفلسطينيُّون عن نضالهم. الشَّعبُ الفلسطينيُّ صمد في وجه الخذلان العالميِّ بثباتٍ يُدرَّسُ في كتب التَّاريخ، وأثبت أنَّ القضيَّة التي يُدافعُ عنها شعبٌ موحَّدٌ لن تُهزم مهما كانت المؤامراتُ كبرى.
إنَّ الناظر إلى مسيرة الشَّعب الفلسطينيِّ يرى صورةً مُشرقةً من الوحدة والتَّلاحم. فرغم محاولات الاحتلال المستمرة لتمزيق الصَّفِّ الفلسطينيِّ وزرع الفُرقة، إلَّا أنَّ الفلسطينيين بقُوا كالجسد الواحد، يُظهرون مناعةً ضدَّ الانكسار. خلال العقود الماضية، خرجت الأجيالُ الفلسطينيَّة كأنَّها رجلٌ واحدٌ، ترفعُ راية الحقِّ وتؤكِّدُ للعالم أجمع أنَّ الوطن ليس مجرَّد أرضٍ، بل هويَّةٌ ووجودٌ لا يقبلُ المساومة.
ما فعلتهُ المقاومةُ الفلسطينيَّة في العقود الأخيرة يُكتَبُ بماءِ الذَّهب. في حين عجزت جيوشُ دولٍ كبرى عن مواجهة الاحتلال المدجَّج بالسِّلاحِ والتِّكنولوجيا، استطاعت المقاومةُ بوسائلها البسيطة مقارنةً بترسانة الاحتلال أن تُغيِّر قواعد اللُّعبة.
سقطت أسطورةُ "الجنديِّ الذي لا يُقهر"، وبات جنودُهُ يُقتلون ويُختطفون، بينما يقفُ العالمُ مشدوهاً أمام شجاعة الفلسطينيين. لم تكُن القوَّةُ المادِّيَّةُ العامل الوحيد في هذا النَّصر، بل كانت العقيدةُ الرَّاسخةُ بأنَّ الأرض هي العرضُ، وأنَّ الحُريَّة تستحقُّ كلَّ تضحية.
لا يمكنُ إنكارُ الحقيقة التي يُحاولُ الاحتلالُ طمسها بأنَّ الفلسطينيين هم أصحابُ الأرض الشَّرعيُّون. فمنذُ الأزل، كانت فلسطينُ قلب الأمَّة العربيَّة، وهي تُمثِّلُ تاريخاً يمتدُّ عميقاً في جذور الحضارة. ومع كلِّ محاولات التهويد والاستيطان، يبقى الفلسطينيُّون متمسِّكين بأرضهم، مُؤمنين بأنَّ الحقَّ لا يموتُ مهما طال الزَّمان.
الفلسطينيُّون هم شعبٌ يُولدُ من جديدٍ في كلِّ مرَّة. رغم الحصار، ورغم المجازر التي ارتكبها الاحتلال، ورغم الظُّلم الدَّوليِّ، ينهضُ الفلسطينيُّ كالعنقاءِ من تحت الرَّماد، أكثر قوَّةً وعزيمة.
هذه المرَّة، لن يكون الفلسطينيُّ أعزل، بل سيأتي مُحمَّلاً بالإيمانِ بالنَّصر، وسيكونُ راكباً فرسَهُ متَّجهاً نحو تحقيق الحلم بتحرير أرضه.
الشعبُ الفلسطينيُّ ليس بحاجةٍ إلى خُطبٍ أو وعودٍ جوفاء. بل هو في حاجةٍ إلى دعمٍ حقيقيٍّ يضمنُ حقوقهُ المشروعة. ومع ذلك، يبقى الفلسطينيُّ هو القائد لملحمة التَّحرير، يحملُ قضيَّتهُ على عاتقه، ويُعلِّمُ العالم أنَّ الحقَّ ينتصرُ دائماً مهما طال الليل.
سيبقى الشَّعبُ الفلسطينيُّ نموذجاً خالداً للنِّضال والكرامة.
هو شعبٌ يُعيدُ تعريف معنى الحُريَّة، ويُذكِّرُنا جميعاً بأنَّ الأرض لا تسكنُها الأجسادُ فقط، بل الأرواحُ التي لا تقبلُ الضَّيم، والقلوبُ التي تنبضُ بالعزَّة والشَّرف والكرامة.
أضف تعليق
قواعد المشاركة