أمير الشعراء والبدوية ريحانة مزعل!!
محمود كلّم
كاتب فلسطينيأقامت عشيرة عرب العرامشة في بلدة جُردية على الحدود الشمالية لفلسطين قرب رأس الناقورة، وفي الضّهيرة أقصى جنوب لبنان، حيث فُصلت جُردية عن الضّهيرة بموجب اتفاق سايكس -بيكو عام 1916.
وفي عشرينيات القرن الماضي كان الشاعر الكردي أحمد علي شوقي أمير الشعراء ذات يوم في طريقه إلى لبنان حاملًا في جعبته قصيدته "يا جارة الوادي" التي غنّاها المطرب محمد عبد الوهاب لينشدها في محفل شعري أُقيم لهذا الغرض عام 1928.
كان الحفل المقام حول النار المتوهجة كحريق عرساً لأحدهم في ليل حالك تتخلله الدبكات البدوية والرقص الشعبي المتوارث. وما إن حلَّ شوقي ومن معه في المكان، حتى انطلقت الزغاريد ترحيباً بالقادمين واعتزازاً بالزيارة المفاجئة.
شاع الخبر بين أفراد العشيرة كالنار في هشيم يابس، وتناقل أهل العشيرة الخبر؛ إنه أحمد شوقي، أمير الشعراء وشاعر مصر الأكبر وصاحب ديوان الشعر.
أسرع والد العريس ليدخل الضيوف الى الخيمة ويتفرّغ لخدمة الضيوف الذين يتقدّمهم رجل قصير يعتمر طربوشاً على رأسه بملابس إفرنجية، تشدّ يده على عصا ذات مقبض فضّي، أخذ مقعده وجماعته في الخيمة.
أسرّ والد العريس إلى البدوية ريحانة مزعل التي كانت تغنّي في حلقة القوم الراقصين حول النار، ببضع كلمات، فشاعت بعدها في المكان للتّو أنغام صوتها العذب الرقيق تحيّة لشوقي وصحبه بأبيات ارتجالية من الدّلعونة.
من الدلعونة (أغاني الجليل للشاعر سعود الأسدي):
*على دلعونا على دلعونا اهلاً وسهلاً يللي يحبونا
يا أحمد شوقي عِنْدينا قاصد
وما عنا كرسي وعالريضه قاعد
يا أحمد شوقي يا بو القصايد
يَلْلِي كلماتك بِتْهِزّ الكونا
فيك وبرجالك أهلاً يا مصري
يللي بقصدانك بتسَجّل نصري
شوقي يا شوقي يا عالي القصري
كُل مَرّه مَيّلْ عالخيمة هونا
شوقي يا شوقي وانت الأميري
وشو تِبقى العجنة لولا الخميري
يا ريتني أبقى بِنْتَك لِزْغيِري
وأبقى خَدّامك واني الممنونا
(مقتطف من كتاب: عشائر قضاء عكا، محمود عبد الله كلم، دار بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، شباط 2016)
أضف تعليق
قواعد المشاركة