حين ينتفض المخيم يجب ان تقرأ الوكالة التاريخ

منذ 10 سنوات   شارك:

سائدة حامد

رئيس تحرير وكالة وطن للأنباء

ليس فقط لأجل لقمة العيش يتحرك المخيم، ليس لأجل بطاقة الإعاشة، ولا لأجل مجرد الوظائف، إنه الهاجس الداخلي الذي يستشعره المخيم في كل مكان في ما تبقى من فلسطين بعد النكبة، أو في الأردن أو في سوريا أو لبنان، فالاحساس والشعور واحد، وهو ناجم عن خبرة المخيم التاريخية والتي بدأت بالخيام لتنتهي بالبيوت ذات الطبقات المتعددة، لكن هذا لم يقتل جرثومة الحنين إلى العودة و العمل الدائب المستمر والمثابر لأجلها حيث البيت والقرية وحي المدينة الجميلة.

ليس المفتاح مجرد رمز للإصرار على حق العودة، إنه الايقونة والحرز الذي يحمي اللاجيء من حالة إذا راودته نفسه النسيان. ومن ينسى؟ هل يستطيع اليرموك المذبوح بسكين كل عصاة الإنسانية أن ينسى، هل ينسى عين الحلوة أو شاتيلا وهم المحرومون من العمل ومن الحياة لأن هناك طوائف يسكنها الخوف من التوطين؟ هل ينسى الوحدات والبقعة وغيرهما وهي ترى أنوار البلاد تتلألا ليلا أمام عينيها على بعد أفق وربما رصاصة؟ هل ينسى الشاطيء وجباليا وبلاطة والجلزون والدهيشة وغيرها؟ لا بل وهل ينسى أبناء ميعار والغابسية والبروة ممن هجروا في بلادهم ؟ لقد بات المفتاح راية يتسلمها جيل من جيل.

إذن لماذا تصر الوكالة أن تتعرى من مهماتها وواجباتها تدريجيا وكأنها تجرع السم للاجئين، هل هناك وراء الأكمة ما وراءها؟ وهل إذا بات هناك من اللاجئين الذين خلقتهم اطماع امريكا ومراهقي النفط في العراق وسوريا يبرر أن مشكلة اللجوء باتت عادية جدا.. وأن التطهير العرقي يمكن أن يكون سياسة مقبولة دوليا؟

يجب ان يقرأ المستشرقون الذين يديرون وكالة الغوث الآن التاريخ جيدا، وأن يراجعوا وثيقة انتدابهم للعمل، حتى يفهموا أنهم لم يكونوا مجرد هيئة إنسانية بل هي علامة على وجود قضية سياسية طالما قصرت الهيئة الأم في إنصافها، لا بل إنها أحيانا تآمرت عليها.

ويجب أن يقرأ من يسيرون الوكالة في وجه كل لاجيء أخاديد الغضب لا الحزن، ونظرة الاتهام لا السكينة، فهنا وهناك وفي كل مكان يوجد به لاجيء توجد غصة في الروح، وعقدة في الثقافة وعزم على تجاوز كل ذلك ولا يتم برغيف الخبز فقط بل بالعودة، فالمخيمات هي قلاع مقاومة، وهي معسكرات استزراع عميق للذاكرة الجمعية وبالتالي يخطيء من يظن أنه بمجرد تخفيف الالتزامات تدريجيا يمكن أن ينهي قضية اللاجئين الكبرى وهي العودة.

ولمن يتعامل مع قضية الوكالة بمنطق تاجر المفرق، عليك أن تعيد حساباتك فحسابات المخيم شيء آخر، لا بد لك أن تضع العالم كله من خلال الأزمة الأخيرة أمام جذر القضية والا فإن كل ما يشاع عن البحث في سبل حل قضية اللاجئين خارج القرار 194 يصبح في منزلة التصديق اذا لم يتم التصدي للمحاولات المتكررة للوكالة للتخلي عن التزاماتها واستخدام أسلوب ابتزاز اللاجئين، واغماض العين وغض الطرف عن كل الجرائم التي ترتكب بحقهم.

ليس اللاجئون طفل يحمله متسول على قارعة الأمم انهم شعب تعرض لأكبر عملية سطو سياسي في التاريخ، فحيث أذعنت الأمم المتحدة لقيام إسرائيل كأمر واقع ولحست كل شروطها للاعتراف بها وأولها تنفيذ القرار 194 ارتكب النظام الدولي كله جريمة بحق شعب كامل يعيش الآن في المخيمات، وتقاعس عن تنفيذ قرار واحد، ولذلك فان 67 عاما من التشرد هي تراكم قمع وتشريد واهانة وذل تولد كل يوم حالة متفجرة في كل مكان، والأمر تجاوز موضوع النسيان وتحول إلى قضية مطروحة على الأجندة كقضية حرية شعب واستقلاله وكرامته، وبالتالي فإن المخيم سيبقى عصيا على كل محاولات الطمس او التذويب أو مسح الذاكرة.

باتت وعبر عقود للمخيم قيمه وتقاليده الرابطة بين الماضي والجذور وبين الحاضر المتحفز للمستقبل، هذه القيم لن يستطيع محوها أي قوة أو أي محاولة للالتفاف على القضية ، يكفي أن طفلا يقف وسط الجموع ليقول:
جيل أنا ينمو ويكبر في الخيام

والويل للتاريخ من جيل الخيام.

 

المصدر: وكالة وطن للأنباء 

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

ذاكرة الدم… من صبرا وشاتيلا إلى غزة!

في أيلول/سبتمبر 1982، كانت بيروت تختنق تحت حصارٍ خانق، وكانت المخيمات الفلسطينية في صبرا وشاتيلا مجرّد جزرٍ من الضعف في بحرٍ من ال… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير